أمامكم البحر!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لا أعرف لماذا بعض السياسيين العرب إلى أي حد سوف يستثمرون في تغييب عقول الجمهور العام، أقصد تصريح حسن نصر الله في دعوة الجيش اللبناني، إلى أن يفتح البحر (أمام اللاجئين السورين في لبنان) تخلصاً منهم، أليس مستنكراً أن يقال هذا الكلام من شخص المفروض أنه يقود ميليشيات همها الرئيس رفع الظلم عن بعض العرب، وهم الفلسطينيون كما يعلن؟ كيف يمكن فهم رفع الظلم من جهة، وتوقيع الظلم من جهة أخرى على المجموعة البشرية نفسها، وإن اختلفت بطاقات هوياتهم؟
نحن في عصر اللامعقول، والأهم أن هذا اللامعقول يصدقه بعضهم ويدافع عنه ويعده مقدساً.
في لبنان هناك ظلم فادح، يقع أولاً على شريحة لبنانية كبيرة بسبب تحكم حزب الله في كل مقدرات الدولة اللبنانية، كما أن هناك ظلماً أفدح على الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات لبنان، وأيضاً على السوريين اللاجئين فراراً من بلدهم بسبب ما فعلته ميليشيات حزب الله في قراهم ومدنهم، وهي تساعد على حرب شنت على الشعب السوري، والمفارقة أنهم البشر أنفسهم الذين قدموا المساعدات إلى اللاجئين من اللبنانيين ومعظمهم من بيئة &"حزب الله&" في سنة 2006 بعد تلك الحرب الطويلة على لبنان، حرب تموز، التي شنتها إسرائيل بسبب مغامرات الحزب، والتي قال بعدها نصر الله في تصريح معلن (لو كنت أعرف أن هذه الحرب سوف تقود إلى هذا الدمار لما قمت بها)! بعدها بوقت سماها أيضاً (النصر الإلهي) وقد فقد فيها عدداً كبيراً من المقاتلين، أما الضحايا في المجمل فقد فاقوا عشرة آلاف من المواطنين اللبنانيين. ومن المفارقة أيضاً أن يقتل حزب الله في سوريا في الحرب الأهلية التي تدخل فيها تقريباً عدد الأنفس نفسه.
من فر من تلك الحرب، عليه حسب نصيحة حسن نصر الله، أن يركب البحر متوجهاً إلى أوروبا، فمن لم يقتله رصاص الحزب أو جوع التشرد، عليه أن يموت غرقاً في البحر المتوسط!
الأنكى من ذلك، أن وزير لبناني أراد تصحيح ذلك الأمر، فقال: لا نريدهم أن يركبوا البحر في قوارب مطاطية، بل في قوارب خشبية، كأنه يتغافل أن لبنانيين في الشمال والجنوب قد أجبروا على ركوب البحر فراراً من العوز، فغرق كثير منهم!
هكذا هي الساحة العربية اليوم، والتي بسبب عمى سياسي تنتشر فيها الحروب والصراعات والتهجير، وفي الغالب كل ذلك ناتج من صراع أيدولوجيتين غارقتين في الماضي وهما (الصهيون يزم) و(الإسلام يزم)، والمقصد هنا ليس الديانة، ولكن الأيديولوجيا التي تلبس لباس الدين، أو تسخير السياسيين للدين!
هذا الصراع بين الأيدولوجيتين صراع مميت، قتل الآلاف وشرد عشرات الآلاف، ولا يزال يفعل، والأهم يجد له من المناصرين من يتبعه بعيون مفتوحة ولكن من دون بصيرة.
صراع البيولوجيات في الشرق الأوسط نبع من شهوة مرضية في التوسع والاستحواذ، من الجانب الإسرائيلي، ومن الجانب الإسلاموي، الذي تقوده دولة ترغب في تصدير الثورة على شاكلتها، وهي التي لم تقدم لشعوبها غير الفقر والقمع.
المشهد برمته دموي ومستنزف للطاقات ومفقر للشعوب ومخيف للمستقبل، واستقطابي، تفقد فيه شعوب في دول الشرق الأوسط الأمان والتنمية والسلام، وليس أمام بعضها إلا البحر.