طوابع برائحة الخبز
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أذكر مقالاً قديماً وطريفاً للكاتب المصري أنيس منصور عن الخبز. بحثتُ عن المقال فلم أجده، لأنه كتب ونشر في الزمن الذي لم تكن فيه للصحف مواقع إلكترونية كما هي الحال اليوم. ما أذكره الآن أن منصور كتب هذا المقال من وحي حضوره مأدبة غداء أو عشاء أقيمت على شرف رئيس فرنسي زار مصر، لعله فرنسوا ميتران، ورغم تنوّع أنواع الخبز التي قدّمت على المائدة، إلا أن ما لفت نظر منصور، بل وأثار دهشته، يومها، إقبال أعضاء الوفد الفرنسي المرافق للرئيس على تناول الخبز البلدي المصري دون سواه، ومرد الدهشة عائد إلى أن فرنسا بالذات معروفة بجودة وكثرة أنواع الخبز فيها، ولعلّ أنيس منصور وجد في ما رآه شهادة لصالح الخبز المصري.
ذكّرني بهذا المقال، الذي حفظت الذاكرة منه بقايا ليس أكثر، خبر يقول بأن مكتب البريد الفرنسي أصدر طابعاً بريدياً جديداً تفوح منه رائحة رغيف الخبز الفرنسي تكريماً ل &"درة المطبخ الفرنسي&". وليس مستبعداً أن أنيس منصور قال شيئاً مشابهاً عن هذا الخبز، حتى لو لم يستخدم تعبير &"درّة المطبخ الفرنسي&"، علماً أن هذا الرغيف أدرج في نوفمبر 2022، في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونيسكو.
تلفت النظر هذه التوليفة بين الخبز وطابع البريد، وبيني وبين نفسي تساءلت: ألا يزال لطوابع البريد &"مجدها&" الذي كان، يوم كانت الرسائل البريدية التي تطير بها الطائرات أو تنقلها القطارات، ليتولى موزعو البريد إيصالها إلى من أرسلت اليهم، بعد أن بتنا في العالم الرقمي، وبات &"الإيميل&" وما شاكله هو وسيلة التواصل بين البشر أو بين المؤسسات، ليتضح لي بعد بحثٍ سريع أن هواية جمع الطوابع التي نعرفها، وكان لها محبّوها حدّ الإدمان عليها ما زالت قائمة، بل وإلى انتعاش متزايد.
هذا ما نسب إلى أستاذ جامعي عربي مقيم في الولايات المتحدة، اسمه بوريش نور الدين، وهو، إلى ذلك، هاوي جمع طوابع بريدية، ويرى أن القول بأن هواية جمع الطوابع والبطاقات البريدية قد اندثرت غير صحيح، مؤكداً أن هواة جمع الطوابع والبطاقات البريدية في السنوات الأخيرة، كثفوا من نشاطاتهم &"من خلال المعارض التي لم تعد تقتصر على مجرد عرض البطاقات البريدية والطوابع، وإنما أصبح يتم تنظيم محاضرات وندوات تتحدث عن أهمية هذه الطوابع والبطاقات، وتاريخها ودورها في الترويج السياحي وحفظ التراث&".
ليست التوليفة بين الخبز وطابع البريد وحدها ما يلفت النظر، وإنما الطريقة التي ستجعل الطابع يحمل رائحة الخبز. يصوّر الطابع خبزاً مربوطاً بشريط ملوّن بألوان العلم الفرنسي، أما تفعيل رائحة الخبز فيتم عن طريق فرك الختم.