مقترح بايدن: آخر محاولة حاسمة لإنهاء الحرب قبل الانتخابات الأميركيّة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
على الرغم من هبوب موجة تفاؤل في المنطقة بعد الخطاب الأخير الذي ألقاه الرئيس الأميركي جو بايدن وضمّنه مقترحاً لإنهاء الحرب في غزة، اعتبره مسؤولون في واشنطن "محاولة أخيرة استراتيجية للخروج من الحرب"، فإن المقترح بمراحله الثلاث قد يواجه تعقيدات السياسة الداخلية الإسرائيلية، حيث إن أحزاب اليمين المتطرف التي يمثلها في الحكومة وزيرا المالية يتسلئيل سموتريتش، والأمن الوطني إيتمار بن غفير تبقي سيفها مصلتاً فوق رقبة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي. فالوزيران اللذان منحا حتى الآن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أكثرية للحكم سوف يواصلان التهديد بإسقاط الائتلاف مع حزب الليكود، وبالتالي إسقاط الحكومة، والتسبب بالذهاب إلى انتخابات مبكرة لا يريدها نتنياهو.
لكن من يعرف نتنياهو في الصميم يعرف تماماً أن نتنياهو يستخدم فزّاعة أحزاب اليمين المتطرف المتهور لكي يتملص من ضغوط المجتمع الدولي، وبخاصة الإدارة الأميركية الحالية التي ترغب في طي صفحة الحرب بأسرع وقت ممكن من أجل التفرغ للحملة الانتخابية التي تبدو صعبة للغاية، فيما يقترب موعد الثلثاء 5 تشرين الثاني - نوفمبر بسرعة كبيرة.
سيستغل نتنياهو المعارضة الشرسة التي سيبديها كل من سموتريتش وبن غفير، وسيتهرب من العرض الذي قدمه له رئيس حزب "هناك مستقبل" من الوسط بالانضمام إلى الائتلاف الحكومي لمنع سقوط الحكومة إذا قبل بالمقترح الأميركي.
في هذا الإطار، يتعين الاعتراف بأن المقترح الأميركي الذي تبّنته كل من القاهرة والدوحة بوصفهما الجهتين الضامنتين لحركة "حماس" سيشكل ضغطاً كبيراً على رئيس الحكومة الإسرائيلية، وسيضاعف من شدة الضغط الذي يشكله أهالي الرهائن الذين يراقبون بغضب كبير منذ أشهر تناقص عدد الأحياء منهم. كما أن المستوى السياسي، لا سيما الوفد المفاوض، بدأ يتململ بسبب خلافات مع نتنياهو، تغذيها خلافات الأخير مع عدد من كبار الضباط في الجيش والأجهزة الأمنية، فضلاً عن عضوي مجلس الحرب بني غانتس وغابي آيزنكوت.
إذاً، الضغط الأميركي كبير جداً. لكن في المقابل سيكون من الصعب على الرئيس بايدن الضغط أكثر على تل أبيب. فهو مرشح للرئاسة بوجه خصم قوي جداً هو الرئيس السابق دونالد ترامب. والأخير يرفع مع الجمهوريين سقف المواقف المؤيدة لإسرائيل في حربها ضد حركة "حماس" في غزة. كما أن احتمال أن يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإلقاء خطاب في الكونغرس بدعوة من الجمهوريين سيمثل تحدياً كبيراً في وجه بايدن، إذ إن الدولة العميقة في الولايات المتحدة منحازة تماماً إلى إسرائيل في هذه الحرب، ولن تقبل بأن تلحق بها هزيمة استراتيجية.
لكن المقترح الأميركي الأخير ببنوده الثلاثة سيمثل في مكان ما نصراً استراتيجياً كبيراً لحركة "حماس" لأنه لا يتضمن إخراج الحركة ولا تصفية حكمها في غزة. ولعل البيان الثلاثي الأميركي &- المصري &- القطري الأخير بشأن مقترح الرئيس الأميركي أقر من خلال الصياغة مساواة بين "حماس" وإسرائيل (بتوقيع أميركي)، ولم يأت على ذكر اليوم التالي سوى من باب الإغاثة وإعادة الإعمار في نهاية المرحلة الثالثة. والنقطة الحساسة هي الآتية: إسرائيل تريد نصراً يمر بتصفية "حماس" عسكرياً وإخراجها من الحكم، أما "حماس" فلتعلن النصر يكفيها أن تنتهي الحرب وتبقى في غزة عسكرياً وسياسياً.
من هنا دقة المسألة لجهة الموقف الإسرائيلي الذي سيتبلور في الساعات القليلة المقبلة توازياً مع استمرار العملية البرية المتدرجة في رفح، وارتفاع حدة المواجهات على الحدود الشمالية مع "حزب الله". وثمة تقديرات دبلوماسية غربية في بيروت ترجح توسع نطاق الحرب في لبنان وصولاً إلى إطاحة عدد من الخطوط الحمر القائمة حالياً.