جريدة الجرائد

حينما تشوي الأجواء الطير

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بعد أن تصدرت درجات الحرارة المرتفعة أخبار العالم مع تسابق الفلكيين بالوعيد والتهديد أن صيفنا لهذا العام سيكون ساخنا جافا.. درجاته تفوق الخمسين، وظله يشوي العصفور وما يصاحبها من ضحايا لمن لم يعتادوا الحرارة.. بدأ وكأن الأمر فرصة للمتبرمين الشاكين باستمرار وهم بعض من ينتمون لنا من أولئك الذين لا يقبلون إلا بالأجواء الربيعية.. لذا لا تجد منهم إلا التأفف وتوقع الويل والثبور، وكأن حرارة الصيف إعلان عن الاستنفار لتوديع العباد قبل مغادرة البلاد.

ها نحن نعيش أجواء الصيف والمتبرمين بيننا أعلنوا عن "الكتمة" وضيق الخلق والتأفف، والتذكير في كل حين أن هناك نهارا طويلا انتزع من ليله ساعات كانوا بحاجتها.. والأهم أن هناك عيد لا بد أن يعيشوا فرحة بأجواء بديعة لا يفسدها غبار ولا يستلم لسخونة.. سمعنا ذلك ونقول أعان الله الناس من بعضها، خاصة من تلك المتأففة سريعة الغضب.. تلك التي لا تطيق حراً ولا بشراً في هذا الصيف، تلك الفئة التي ندعو أن يغادروا اليوم قبل غد؟

من جهتنا.. نقول اللهم لك الحمد والشكر متعودين، رغم أننا في صيفنا هذا علمنا أن لسنا وحدنا الساخنون؟! فكل شيء تغير حتى أننا في الرياض عرفنا حرارة عالية جدا وننتظر غيرها في الشهرين المقبلين.. لكن نحمد الله فما نلاحظه على الأغلبية منّا في تعاملنا مع أجوائنا الساخنة أن النفوس هادئة ومستقرة، ونحمد الله أيضا أن من يشكون ويبدون ضيقا هم ممن يغادروننا قريبا إلى مصايفهم، نقول الحمد لله فنحن من جيل عايشنا الحر بسخونته نهارا وجفافه ليلا، ولم نجزع، لم تقلقنا أخبار الفلكيين الذين يتسابقون لكي يؤكدوا لنا أن صيفنا حارقا مرهقا من شدة حرارته.. ولا توقعات نجوم الاستراحات بأن أجواءنا تشوي الطيور.. وبين هؤلاء وهؤلاء ندعو الله للمتضايقين بالهدوء والبراد والطمأنينة.

ما نود التذكير به أن هذه الأجواء جزء من بيئتنا وتأففنا منها هو نكران للأرض والبيئة والمناخ.. فمثلما لدى آخرين تجمد ينحدر تحت الصفر بأرقام مخيفة.. لدينا مثل ذلك فوق ذلك الصفر، وعلينا أن نردد ما يفعله أسلافنا الذي لم يكن لديهم من مكيفات الدنيا سوى الظل و"مهفة الخوص" "يالله براد الجنة" تعبير عن طلب الرحمة من شدة الحر والقيظ الكاتم على الأنفاس.. كانوا لا يعرفون إلا الظل للاحتماء به من الشمس أما اليوم فإن ظلالا كثيرة في بلادنا ومنازلنا نتفيأ بها ولله الحمد والمنة.

ولن ننكر على الجيل الجديد ارتحالهم لمضارب البراد، لأنهم لا يعرفون إلا المكيف والاسترخاء، ولم يجربوا الكد تحت أشعة الشمس اللاهبة، هذا الجيل بات من الطراوة حتى أن أمراض الشتاء تنتقل معه إلى الصيف والعكس صحيح من فرط وهن يعاني منه، ولا تجد منه إلا التأفف وتوقع الويل والثبور.. لكن المهم في القول أدرك أنا ومن مثلي ممن يطلق عليهم الجيل القديم أن فيه إيجابيات كبيرة، من أهمها أن الرياض في معظمها تخلو لنا ننتقل في شوارعها بأريحية وإن جد ترحال فهو لمصائف بلادي في عسير والطائف والباحة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف