الكتابة شقيقة القراءة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
في موازاة ظاهرة القراءة في الإمارات، وتجلّياتها الأوسع نطاقاً مثل مبادرة تحدّي القراءة العربي، نتطلّع إلى ظاهرة أخرى نتيجة لظاهرة القراءة وهي الكتابة، وكل قراءة تنتج كتابة بحكم التراكم والتجربة الحياتية والإبداعية.
الكتابة فعل تالٍ للقراءة، وتبدو الكتابة أعمق وأكثر إقناعاً أدبياً كلما كانت القراءة أخصب وأكثر تنوّعاً في كل ينابيع المعرفة.
في الإمارات، وبعد التأسيس الثقافي الذي شهدته الدولة في ثمانينيات القرن العشرين تنوّع النتاج الكتابي بين الشعر، والقصة القصيرة، والرواية، والتأليف في الموضوعات الشعبية والتراث المحلي، وفي موازاة كل هذه الحقول كان الفن التشكيلي يكتسب خبرات إبداعية ذات صلة بفنون العالم، وكان المسرح يتوسع في نطاقه الإبداعي.. مسرح الظواهر الشعبية مثل الغوص وثقافة البحر، ومسرح التاريخ، ومسرح الصحراء.. ولكن، ما علاقة هذه الفنون بالكتابة؟؟
إن لها علاقة مباشرة وجمالية، ولها أثر في الكتابة قد يتساوى بأثر القراءات التراكمية، وذلك، حين &"نكتب&" هذه الفنون، ونحوّلها من مادّة حركية (مسرحية) أو مادة مرئية بصرية (فنون) إلى مادة مكتوبة..
أردت أن آخذ الكاتب الإماراتي إلى مصادر حيوية تدفع به إلى اجتراح نصّ أدبي من خلال اللوحة، والمسرحية، وقبل ذلك اجتراح النص المكتوب من الأرض والحياة والبيئة وجمالية المكان..
يعتبر غاستون باشلار أن الأدب هو الوسيلة الأهم لإنتاج هذه الكتابة.. يقول: &".. ليس لنا إلّا أن نكتب العمل المرسوم، ليس لنا غير أن نكتب التمثال إن أردنا حقاً أن نكون صادقين، فبالقلم الذي هو في يدنا نستعيد كل قوى الشباب..&".
يرى باشلار (ترجمة: قيصر الجليدي).. أنه بفضل الخيال الأدبي، تصبح كل الفنون (فنوناً) ويقول إنه ما دام القلم في يدنا فإننا نكتب، ونؤلف، ونجمّل،.. &".. شأن الروائي الذي بفضل الصفحة البيضاء، المفتوحة على كل المغامرات يكون &"دون جوان&" السعيد كل السعادة..&".
جاءت أفكار باشلار هذه بشأن كتابة الفنون، والخيال الأدبي الذي يجعل كل الفنون هي الكاتب أو المؤلف، في سياق بحثه الفلسفي الذي سمّاه خيال القوى في كتابه المهم &"الأرض وأحلام يقظة الإرادة&"، ، أي أن موضوعه ليس موضوع الكتابة في حدّ ذاتها، غير أنني أردت القول هنا، إن الفنون المتعدّدة المحلية والعالمية، المعاصرة والحديثة والقديمة من المسرح والفن التشكيلي إلى النحت والعمارة والموسيقى والفنون الشعبية هي معاً فضاء رحب للكتابة، تماماً كما أن القراءة وظاهرتها الثقافية دافع حيوي عظيم لإبداع الشعر والرواية والقصة.. وغيرها من فروع الكتابة.
في الإمارات تراكم قرائي، من الطبيعي أن يوازيه تراكم كتابي، وهو ما سوف نشهده على نحو ملحوظ تماماً في السنوات القليلة المقبلة..