ناقوس جاي ستاندنج
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يجوب المفكر البريطاني جاي ستاندنج- Guy Standing العالم، وهو يقرع جرس الإنذار والخطر بمحاضراتهِ ولقاءاتهِ وكتاباتهِ، لما تمثلهُ وتحملهُ طبقة البريكاريا-The Precariat من تحدٍ على المنظومة الرأسمالية الليبرالية.
لقد صاغت الليبرالية الجديدة النظام الدولي نحو فتح الأسواق، وخصخصة القطاعات الحكومية، والبحث عن فائض القيمة، وتعزيز المكاسب للشركات متعددة الجنسيات، وهنا يمتعض &"ستاندنج&" من كون الليبرالية حفظت حقوق الملكية الفكرية كإنجاز لمنظمة التجارة العالمية عام 1995، حيث قادت إلى استخلاص الربح للشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات المالية، مقابل عجزها أمام تكوّن واستمرار طبقة البريكاريا في الواقع الاجتماعي والسياسي للدول الغربية.
فالوضع الاجتماعي الغربي يعكس ثلاث طبقات، الأولى تضم الأثرياء والنخبة السياسية والاقتصادية، بينما الطبقة الثانية تمثل الموظفين الذين لديهم رواتب مستمرة، وتأمينات ومميزات الوظيفة الأساسية، وهذه الطبقة في حالة مستقرة ومطمئنة لمستقبلها، على عكس الطبقة الثالثة &"البريكاريا&"، والتي يُقرع لها ناقوس الخطر. فالبريكاريا تتحدد بكونها تحمل ثقل العمل والمعيشة، حيث تحتوي على أعمال متعددة للفرد الواحد، وبأجور منخفضة غير دائمة، كما أن الحالة النفسية مشتتة الذهن والتفكير، لذا يطلق عليها &"جاي ستاندنج&" الطبقة المحرومة، والتي يَتَمَلَكها شعور بالخوف من الأخطاء، أو تعرضهم لحوادث تفقدهم القدرة على العمل فهم من دون تأمينات، وفي الوقت نفسه يتنامى لديها الغضب.
تنقسم البريكاريا إلى ثلاث فصائل، الفصيل الأول Atavists- الورائيون، وهؤلاء ينظرون إلى الوراء نحو الماضي الجميل والمفقود، حيث آباؤهم وأجدادهم كان لديهم وظائف في مختلف المهن في المصانع والخدمات والقطاعات، ويغلب على هذا الفصيل كونه دون التعليم الجامعي، ومعظم أفراد هذا الفصيل يستمتعون ويميلون إلى الشعبوين والفاشيين الجدد الذين يخاطبونهم بالتجانس الثقافي، وتوفير فرص العمل عبر الحد من الهجرة واستدعاء هيبة وسيطرة الدولة على اقتصادها من الخصخصة والشركات الكبرى ومتعددة الجنسيات. أما الفصيل الثاني من البريكاريا، فهم المهاجرون واللاجئون الذين يصارعهم الحنين لوطنهم السابق مقابل صعوبة الحياة في البلدان المهاجرين إليها، حيث يغلب عليهم العمل في أعمال من دون تأمين ومميزات.
وإلى الفصيل الثالث، التقدميون كما يصفهم المفكر &"ستاندنج&"، وهم من خرجي الكليات والجامعات، وهؤلاء يواجهون معضلة الحصول على وظيفة متكاملة الأركان من الراتب والمميزات الوظيفية، كالإجازات السنوية والمرضية ومختلف التأمينات، وهم يختلفون عن الفئة الأولى الورائيون بأنهم لا يميلون بشكل واضح إلى دعم المحافظين القوميين والفاشيين، بل يبحثون عن إصلاح سياسي واجتماعي لوضعهم في إطار العملية السياسية.
وعلى الرغم من عدم وجود أي تنظيم متكامل لطبقة وظاهرة البريكاريا، فإن في حالة تحقيق مطالبها وحقوقها في الأجور الدائمة والتأمينات الأساسية للحياة، فإنها ستلغي نفسها كطبقة محرومة وغاضبة، أما في حالة استمرت الطبقة في الاتساع وتزايد أعدادها وخاصةً في الدول الغربية مهد الليبرالية وانتشارها للعالم، فإنها قد تكون قادرة على إعادة صياغة أو تحطيم النظام الليبرالي.