اهتمام غربي بنبوءة إيشاياهو ليبوفيتز
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مراكز الأبحاث السياسية داخل، إسرائيل وخارجها، بخاصة في الولايات المتحدة، تركز أنظارها الآن على تنبؤات سبق أن توقعت انهيار دولة إسرائيل، هذه النبوءة كانت لمفكر وفيلسوف يهودي بارز، سبق أن احتل مكانة متميزة في تاريخ الدولة الإسرائيلية، وأن الذين يعكفون الآن على قراءة هذه النبوءة بتمعن بالغ، هم من مؤسسات إسرائيلية مختصة بالفكر السياسي، وأساتذة في الجامعة العبرية بالقدس، ومن أمريكا هناك مشاركة من مطبوعات جامعة هارفارد، وجامعة دنفر.
المفكر الذي أصبحت اليوم مواقفه وكتاباته هي الشغل الشاغل للكثير من الباحثين، هو البروفيسور إيشاياهو ليبوفيتز الذي توفي عام 1994، والذي وصفه البروفسور ميتشيل بليتنك، بأنه المفكر الذي اتسمت رؤيته بالحكمة، وبُعد النظر.
وكانت إسرائيل قد منحت ليبوفيتز واحدة من أرفع الجوائز، لكنه فاجأ الجميع قبل موعد تسليمه الجائزة بتصريح، أحدث ما وصف وقتها بالصدمة للحكومة الإسرائيلية، والحيرة لمنظمي الاحتفال بمنحه الجائزة، حين قال علانية أنه يرفض أن يعمل داخل أراض محتلة، وفي الحال أعلن رئيس الوزراء اسحق رابين، أنه لن يحضر حفل تسليمه الجائزة.
بعد ذلك مباشرة، بدأ البروفيسور ليبوفيتز يوجه بانتظام انتقادات لسياسات حكومات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي عام 1992 كتب المقال الذي صار مرجعاً لتنبؤاته المستقبلية، وعنوانه &"الأرض منزوعة الحقوق.. عن اليهودية، والقيم الإنسانية، ودولة إسرائيل&".
وحذر في مقالة من أن إسرائيل سوف تتعرض لتهديد لوجودها. وليس بالضرورة أن يأتي التهديد من مصر، أو سوريا، أو حتى من دولة خارجية، لكنه تهديد ناتج عن وجود الاحتلال ذاته، وأنه يجب على إسرائيل أن تنسحب من جميع الأراضي التي احتلتها في حرب 1967.
جامعة هارفارد &- في مطبوعاتها &- توقفت أمام هذا التنبيه، قائلة إن تحذير ليبوفيتز لم يكن مجرد تنبيه للتصرف بشكل أخلاقي، أو تنبؤ من عالم الغيب، لكن ما توقعه هو وكثير غيره، مما سيحدث لإسرائيل هو نتيجة حتمية لاحتلالها المستمر، وأن رؤية ليبوفيتز هي تصحيح للنظرة المغلوطة للاحتلال، متضمنة تحذيره من كارثة قادمة.
وفي مقاله يمضي ليبوفيتز بالقول إن إسرائيل لا يزال أمامها فرصة لتغيير وضعها كدولة محتلة، وهو دورها، لكنه أيضاً دور يتحمله اليهود في دول أخرى من العالم، من أجل إنقاذ إسرائيل نفسها، مشيراً إلى اندفاع إسرائيل في سلوكها اليومي نحو الانتحار، بالتوسع في المستوطنات، وانتهاك حقوق الإنسان.
ثم قال إن الأمن يصبح حقيقة واقعة عندما يكون هناك سلام حقيقي بين الشعوب المتجاورة، أما في غياب السلام فلن يكون هناك أمن، كما أنه لا يوجد ارتباط مباشر بين الأمن واحتلال الأراضي، ثم إن الاحتلال يدفع أمننا للتراجع بسبب التحكم في الأراضي المحتلة، ولابد أن يكون هناك رد فعل من الذين احتلت أرضهم.
والكثير من الكتاب وخبراء السياسة علقوا على نبوءة ليبوفيتز، منهم على سبيل المثال البروفيسورة ميشلين إيشاي مديرة مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة دنفر، وقالت إن البروفيسور ليبوفيتز كان قد كتب بعد حرب 1967، أن حكم إسرائيل للفلسطينيين في الأراضي المحتلة سوف يكون له أثر في تصفية وجود إسرائيل كدولة، وسيجلب كارثة للشعب اليهودي. كما نشرت مجلة &"نيو تايمز&" وجهة النظر نفسها.
أما البروفيسور اليهودي ميتشيل بلتينك، الذي عمل أستاذاً في الجامعة العبرية بالقدس، فقد توقع حدوث تزايد للشعور بالذعر في إسرائيل، بسبب فقدان اليقين عن المستقبل.
وتزامن مع إعادة طرح رؤية الفيلسوف ليبوفيتز، ما كتبته صحيفة &"هآرتس&" الإسرائيلية في افتتاحيتها، عما وصفته ب&"توحش إسرائيل&" القادم في الطريق، وأننا إذا لم نتصرف في مواجهة ذلك، فإن انهيار دولة إسرائيل يعتبر مسألة وقت.
ونبهت صحيفة &"هآرتس&" قرّاءها إلى ما سبق أن حذر منه البروفيسور ليبوفيتز، من أن هناك ضجيجاً صاخباً يدوّي في خلفية حياتنا، وهو عبارة عن بوق يدعونا لأن نصحو من شعور سبق أن تملّكنا بالفخار والزهو القومي في أعقاب حرب 1967، ثم ثبت أن ذلك الشعور كان مجرد حالة وقتية، ثم ننتقل من الزهو المفرط بالانتصار إلى النقيض، وعند هذه المرحلة القادمة ستكون نهاية الصهيونية.
من ناحيتها، شاركت صحيفة &"فاينانشيال تايمز&" البريطانية في هذا الجدل بمقال عنوانه &"استراتيجية إسرائيل تندفع في اتجاه مظلم&". وقالت: قبل سبعة شهور وعد نتنياهو الإسرائيليين بالنصر الكامل في غزة، ثم بدأ يتضح أن جميع أهدافه تتلاشى تدريجياً، حتى أن المزاج العام صار معتماً، وأن الاستطلاعات تقول إن 62% من الإسرائيليين يعتقدون بعدم إمكان تحقيق النصر الكامل الذي وعدهم به نتنياهو، بينما لا تزال الأقلية ممثلة في 27% ترى عكس ذلك.
بقيت حقيقة يصعب أن تغيب عن النظر، وهي أن وضع إسرائيل التي طالما كانت تتباهى به، لم يكن نتيجة قدرات ذاتية، فالكل يعرف، بمن فيهم الإسرائيليون، أن قدراتها هي نتاج إضافات جوهرية أمريكية، عسكرياً، واقتصادياً، ودبلوماسياً، وسياسياً، حتى أن مراجع معتبرة في الدولتين، اتفقت على القول إن إسرائيل لا تستطيع أن تعيش من دون أمريكا.