جريدة الجرائد

الترجمة لغة إنسانية تتطور

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

منذ فجر التاريخ، وجد الإنسان نفسه، بحاجة لفهم الإنسان البعيد عنه، فالمصلحة، ومحاولة التفاهم، واقتسام موارد الطبيعة، جميعها عوامل تدفع إلى إقامة تواصل بناء ومفيد لمختلف المجتمعات البشرية. بقعة من الأرض تنمو فيها أنواع من الأشجار، وتتميز طبيعتها بالمياه، هناك بقعة أخرى تتميز بالقدرة على صناعة الحديد والخزف ومختلف الأدوات التي تستخدم في الزراعة أو في الصيد، ومن البديهي أن يكون هناك تعاون، وتبادل تجاري بين هذين المجتمعين. وهذا التعاون يتطلب اتفاقاً، وتواصلاً، ويتطلب عرضاً وطلباً، وهذه جميعها لا يمكن تحققها، دون فهم كل طرف للآخر. وكون المجتمعات البشرية متنوعة، ومتباينة، ظهرت الترجمة، وظهرت معها الحاجة لفهم كل طرف ما يريده من الآخر. الحاجة نفسها، كانت في توضيح المقاصد، وتبرير بعض التصرفات، لخفض التوتر الناتج عن سوء الفهم، أو شرح بعض الإجراءات، وسوء الفهم هذا سيؤدي إلى معارك وحروب مميتة للطرفين، حيث تتوقف خلالها مقومات الحياة، والبحث في سبل السلام وطرقه.

من هنا كانت الترجمة، حاجة ملحة، كانت ضرورة للسلام، وفهم الآخر. وبالتالي كانت سبباً في الاستقرار، والهدوء، وفهم المجتمعات، وأولوياتها، وطرق عيشها، وثقافاتها وما تملكه من معلومات معيشية وصناعات، وبواسطة الترجمة، نقلت المعارف، وتلك الثقافات من مجتمع إلى آخر، وحدثت عمليات تطوير وإضافة وتطوير.

تكاد تكون الترجمة، هي العلم والمعرفة، التي تمكنت طوال تاريخ الإنسان، من مواكبة مسيرة الإنسان، وتطوره، حيث نجدها ماثلة في الحضارات القديمة، عند السومريين، والمصريين، والإغريق، والرومان، وغيرهم. ونجدها فيما يسمى بالعصور الوسطى وعصر النهضة، ومساهمتها في نقل العلوم، وهي ماثلة أيضاً في العصر الحديث، وانتشرت وتطورت مع تطور الطباعة وإنتاج الكتب، ونراها في العصر الرقمي، واحدة من أهم أدوات التطورات التقنية، وعصر الذكاء الاصطناعي، حيث وجدت الاهتمام العظيم، لدرجة أن كل يوم تظهر تطبيقات وأجهزة حديثة، في مجال الترجمة الفورية، التي تمكن الناس مهما تعددت لغاتهم من التفاهم مع بعضهم بعضا، وتبادل الآراء والأخبار، وتبعاً لهذا تمكنت الثقافات المختلفة من التوسع والانتشار.

وتبقى الترجمة، من أهم العلوم والمعارف، ويكمن جانب من الأهمية في قدرتها على نقل المعلومات، ونشر الثقافة، ومساهمتها في فهم الشعوب، ودعم السلام والاطمئنان. ودون شك، ستبقى الترجمة واحدة من أهم أدوات الإنسان، لفهم أخيه الإنسان، وأيضاً للتعلم، وتوسع المعرفة، واكتساب مهارات الإبداع والابتكار.

www.shaimaalmarzooqi.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف