الهدنة.. بين الانفراجة والمناورة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تشي التطورات الجديدة حول ملف مفاوضات الهدنة في غزة وصفقة تبادل الأسرى بإمكانية حدوث انفراجة بشأن التوصل إلى اتفاق بعد الرد الفلسطيني الذي وُصف بأنه &"إيجابي&" ما لم تدخل المناورات والألاعيب الإسرائيلية مجدداً على الخط لإفشال كل هذا المسار لحسابات سياسية وشخصية باتت معروفة للعالم أجمع.
ثمة عوامل عديدة، في الواقع، ساهمت في تحريك هذا الملف والتي وصفت إسرائيلياً بأنها تطور &"إيجابي&" يمكن أن يشكل لاحقاً أساساً لاستئناف المفاوضات حول التفاصيل حيث يكمن الشيطان، منها اللغة الجديدة التي تضمنها التعديل الجزئي الذي أدخلته الولايات المتحدة على المادة الثامنة من المقترح الأساسي، الإسرائيلي - الأمريكي، والمتعلق بشمولية وقف إطلاق النار في المراحل الثلاث، وصولاً إلى الهدوء المستدام في غزة كمصطلح بديل عن وقف الحرب. ومنها أيضاً ما ذكر عن تعديلات أدخلها الطرف الفلسطيني، وصفت بأنها لا تمس جوهر المقترح الأساسي، وتحمل مرونة يمكن أن تساعد نتنياهو على النزول عن الشجرة التي علق فوقها جراء السقف المرتفع للأهداف التي وضعها والتي لم يتحقق منها شيء. هذا على الجانب الإجرائي، لكن في الواقع العملي، هناك أيضاً أسباب قد تكون أكثر أهمية، منها الحاجة الأمريكية التي أصبحت أكثر الحاحاً لتحقيق إنجاز مهم للبيت الأبيض بعد إخفاق الرئيس بايدن الذريع في المناظرة أمام منافسه الجمهوري دونالد ترامب، والضغوط الشديدة التي تتعرض لها الإدارة، إن على صعيد إيجاد مرشح ديمقراطي بديل، أو على صعيد الانقسام القائم أصلاً في قواعد الحزب الديمقراطي حول الدعم الأمريكي المطلق للحرب الإسرائيلية على غزة.
أما على الجانب الإسرائيلي، فهنالك الانقسام المجتمعي الحاد الذي بات ينذر باندلاع حرب أهلية، والخلافات المتفاقمة بين القيادتين السياسية والعسكرية - الأمنية. لكن الأهم هو الواقع الميداني على الأرض، إذ تولدت قناعة لدى المؤسسة العسكرية والأمنية أن الحرب على غزة وصلت إلى طريق مسدود، وأن إطلاق سراح الرهائن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المفاوضات وإبرام صفقة تبادل، وأن البديل لذلك هو حرب استنزاف طويلة يدفع ثمنها الجيش المنهك بعد تسعة أشهر من القتال. وما الحديث عن الانتقال إلى ما يسمى المرحلة الثالثة سوى محاولة للتغطية على الفشل في تحقيق أهداف الحرب والبحث عن صورة نصر غير موجودة إلا في مخيلة المستوى السياسي الذي يواصل التخبط ولا يملك خطة &"اليوم التالي&" للحرب.
هذا التخبط يمكن ملاحظته في كيفية تعامل نتنياهو مع مقترح الهدنة وصفقة التبادل وإصراره على مواصلة الحرب، بينما ترغب المؤسسة العسكرية - الأمنية في التوصل إلى اتفاق بأي ثمن.
السؤال الآن: هل يلجأ نتنياهو إلى المناورة واختلاق الذرائع لافشال الاتفاق، لإدراكه أنه قد يطيح بحكومته اليمينية المتطرفة، ويفتح الطريق أمام محاكمته، أم أنه سيرضخ، هذه المرة، تحت ثقل الضغوط الداخلية والخارجية؟
سؤال لن يطول انتظار الإجابة عنه.