رفّ الكتب الافتراضي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
قائل الوصف في العنوان الكاتب الإيطالي إيتالو كالفينو، مؤلف الرواية الشهيرة &"ماركو فالدو&"، ومؤلف &"مدن لا مرئية&". الوصف لم يأتِ في أحد هذين الكتابين، وإنما في مساهمة قدّمها الكاتب في ندوة بعنوان: &"لمن تُكتب الرواية؟.. لمن تُكتب القصيدة؟&"، ونشرت المساهمة في كتاب &"آلة الأدب&" الذي تضمّن حوارين مع كالفينو، وتسع أوراق قدّمها في فعاليات مختلفة، ترجمها إلى العربية حسام بدّار.
هنا لا يتحدث كالفينو عن رفّ الكتب الفعلي الذي نعرفه، خاصة ذاك الذي في محال بيع الكتب، وإنما عن رفّ كتبٍ افتراضي يدور في مخيلة الكاتب حين يضع كتاباً جديداً، كأنّ كالفينو يجيب عن سؤال الندوة حول لمن تُكتب الرواية، أو القصيدة، حين يقول: &"الكتاب يُكتب لكي يوضع بجانب كُتب أخرى، ويأخذ مكانه على رفّ كتب افتراضي&".
على خلاف الانطباع الذي قد يوحيه لنا تعبير &"على الرفّ&"، الذي يقترن عادة بالقول &"رُكن على الرفّ&"، كأننا نقول عن ملفٍ ما &"نُسي، أو دُفن، في الأدراج&"، كناية عن تهميش أي أمر، فإن كالفينو قصد هنا أن من يؤلف كتاباً وينشره يطمح إلى أن يجد له مكاناً على رف من أرفف محال بيع الكتب، وإلا كيف سيعرف القرّاء بأمره، أو من أين سيقتنونه إذا لم يجد له مثل هذا المكان؟ كما يطمح الكاتب، تالياً، إلى أن يجد كتابه مكاناً له على رفّ المكتبة المنزلية لمن يقتنيه، سواء قبل الشروع في قراءته أو بعد الانتهاء من القراءة.
يقول كالفينو: &"ما إن يأخذ الكتاب مكانه هناك، أي على الرف، يقوم، بطريقة أو بأخرى، بتغيير الرفّ نفسه، فيطرد كتباً معينة من أماكنها، أو يرغمها على التقهقر إلى الصفّ الثاني&". ربما كان عليه أن يضيف أنه ليس كل الكتب المصنفة جديدة قادرة على أن تفعل الفعل نفسه، فحتى لو أخذت لها مكاناً أبرز على الرفّ المعني، وأقصت كتباً سابقة إلى الخلف، فإن بعضها غير قادر على أن يجعل من هذا التواري لكتب سابقة حجباً لها عن القارئ. قد يأتي قرّاء جدد يسألون عن تلك الكتب &"القديمة&"، بصرف النظر عن درجة القدامة هنا، وقد يكون عدد هؤلاء السائلين عن تلك الكتب أكثر من السائلين عن الكتاب الذي تبوأ موقعاً أبرز على الرفّ، لأنه حديث الصدور.
لا يغفل كالفينو هنا دور بائع الكتب الذي يدفع بالجديد إلى واجهة العرض، كما يفعل الباعة في محال أخرى. لباعة الكتب أنفسهم حكايات يجب أن تروى. يمكن أن نشير إلى رواية ستيفان زفايج &"بائع الكتب&"، وهناك أيضاً قصة قصيرة تحمل العنوان نفسه للكاتب البريطاني رولد دال.