جريدة الجرائد

«ثريدز» و«إكس»... منافسة مطلوبة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

في الأسبوع الماضي، أتمَّت منصة &"ثريدز&"، التابعة لشركة &"ميتا بلاتفورمز&"، عامها الأول، مُعلنة أن عدد مستخدميها النشطين بلغ 175 مليوناً شهرياً، وهو رقم يضع هذه المنصة ضمن أكثر منصات &"التواصل الاجتماعي&" تمتعاً بمعدلات النمو العالية، والتمركز السريع، ومع ذلك، فإن مُجمل أدائها ما زال أقل كثيراً مما رافق إطلاقها من توقعات.

فعندما انطلقت &"ثريدز&" قبل عام، كانت التوقعات بشأنها كبيرة وطموحة؛ إذ جاء إطلاقها في وقت تعثر منصة &"إكس&" (&"تويتر&" سابقاً)، وفقدانها الاتجاه، تحت ضربات التغيرات السريعة التي أجراها مالكها الجديد آنذاك إيلون ماسك. ولأن &"ثريدز&" كانت تشارك &"إكس&" جزءاً كبيراً من أنموذج أعمالها، وتحظى بمخزون هائل من مستخدمي &"إنستغرام&" المملوك لـ&"ميتا&" أيضاً، فقد كانت التوقعات بسرعة نموها وتمركزها عالية للغاية.

ولذلك، جمعت &"ثريدز&" 10 ملايين مستخدم في 7 ساعات، وهو رقم ارتفع إلى ثلاثين مليوناً في 24 ساعة، وبلغ مائة مليون في 5 أيام، ليعزّز التوقعات باختراق كبير، أغرى بعض المحللين بتوقع إطاحة عالم &"إكس&"، مع انتقال بعض المستخدمين إلى الوافد الجديد، اعتراضاً على سياسات ماسك &"المتضاربة والمتسرعة وغير المدروسة&"، أو عقاباً له.

ولكن بعد هذه البداية القوية، بدأت الأمور تمضي في اتجاه غير مواتٍ لـ&"ميتا&" ومنصتها الجديدة &"ثريدز&"؛ إذ تراجع عدد المستخدمين، بموازاة بعض الاستقرار في سياسات &"إكس&"، بعدما اكتشف قطاع من مستخدمي &"إنستغرام&" الذين هرعوا إلى الوافد الجديد، أنه يطرح قضايا وأولويات لا تناسبهم، لابتعادها عن الترفيه والاهتمامات الخاصة.

لقد أدخل &"ثريدز&" تحسينات على تجربة التفاعل عبره، وألحق بها ميزات جديدة، وهي أمور أوصلته إلى الإعلان عن وجود 175 مليون مستخدم نشط شهرياً؛ لكن بقية الأرقام الدالة على النمو لم تظهر بعد؛ ومنها ما يتعلق بوقت بقاء المستخدم في المنصة، أو بنسبة الدخل إلى المصروفات، في ظل ضعف العائدات الإعلانية. والواقع أنه لا يمكن النظر إلى التسابق الراهن بين &"إكس&" و&"ثريدز&" إلا بوصفه تجسيداً للحالة التنافسية الدائمة التي تعيش فيها تلك المواقع باستمرار؛ وهي منافسة تؤطرها 3 عوامل أساسية: أولها أن المستقبل يبدو مفتوحاً ومُجهزاً لتعزيز تمركز تلك المواقع في عالم الإعلام، باعتبارها لاعباً أساسياً فيه. وثانيها أن تلك المنافسة تعتمد على شغف الجمهور الذي لا ينقطع بالتنقل بين هذه الوسائط، سعياً لتجارب استخدام جديدة. وثالثها يتعلق بقدرة أي من تلك المواقع على الثبات والاستمرارية، عبر توليد العوائد المناسبة لتحقيق الأرباح، وزيادة قاعدة المستخدمين.

ورغم إطلاق &"ثريدز&" الناجح، وصعودها المبدئي، فإن كثيرين ما زالوا يلجون إلى عالم &"إكس&" بانتظام، ليجدوا فيها بيانات مهمة وتصريحات حصرية وأخباراً فارقة، وحسابات لأهم أقطاب العالم وأكثرهم شهرة وتأثيراً. وما زالت المنصة تسهم في إرساء قائمة أولويات العالم الجادة، وحصتها في ذلك لم تتراجع، وإن تزعزع اليقين فيها، وباتت أقل بريقاً من اليوم الذي انتقلت ملكيتها فيه إلى ماسك.

وبينما يقول هذا الأخير أن عدد مستخدمي منصته اليوم يبلغ نحو 600 مليون مستخدم نشط شهرياً، فإن مارك زوكربيرغ مالك &"ميتا&" كان قد توقع مليار مستخدم لـ&"ثريدز&" غداة إطلاقها.

والشاهد أن جزءاً كبيراً من المنافسة المشتعلة بين &"إكس&" و&"ثريدز&" لا يرجع لكونهما يستهدفان شرائح الجمهور ذاتها فقط، أو أنهما يعتمدان آليات عمل مشابهة فقط، ولكن أيضاً لأن ثمة صراعاً أو تنافساً على النفوذ والتأثير بين رجلين؛ هما إيلون ماسك مالك &"إكس&"، ومارك زوكربيرغ مالك &"ميتا&" التي تمتلك &"ثريدز&" إلى جانب نخبة أخرى من وسائط &"التواصل الاجتماعي&" الأكثر رواجاً عبر العالم. فقد دفع ماسك 44 مليار دولار أميركي ليمتلك &"تويتر&"، ويدخل مقر الشركة حاملاً حوض مغسلة، ويطيح معظم العاملين فيها، ويجري تغييرات صادمة زعزعت مكانتها، قبل أن يغير اسمها إلى &"إكس&"؛ حيث كان يأمل في أن تضعه تلك المنصة على لائحة الأولويات الخبرية حول العالم، وأن تتعزز قدرته على ترتيب تلك الأولويات.

ومن جانبه، لم يشأ زوكربيرغ أن يكتفي بإمبراطوريته الواسعة التي تتضمن أقوى الأسماء في عالم &"التواصل الاجتماعي&"، فقرر أن يدخل منافساً لماسك عبر إطلاق موقع &"ثريدز&"، ليتمكن من مشاركة هذا الأخير في مقاربة الأولويات العالمية الجادة، عبر اقتباس أنموذج أعماله ذاته.

في تلك المنافسة فوائد كبيرة للمستخدمين بكل تأكيد؛ خصوصاً إذا امتدت لتعزيز بيئة الاستخدام، وإبقائها أكثر اتساقاً مع مقتضيات الخصوصية وحقوق الإنسان، عوضاً عن تركيزها على الجاذبية، وتقديم التجارب المميزة فقط.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف