إلى السيد/ أردوغان... حين لا مفر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
اسمح لي يا (فخامة) الرئيس أردوغان رئيس الجمهورية التركية.. أن أخاطبك مباشرة ومن على منصة هذه (الصحيفة) الغراء..
وبعيداً عن الإرث التاريخي للعلاقة التركية السعودية والتركية العربية.. والمسارات الرسمية للعلاقات بين البلدين حيث لدينا قيادة رعاها الله تدرك أهمية العلاقات بين الدول والمصالح المتبادلة. أخاطبكم فخامة الرئيس بصفتي الشخصية الخالصة..
السيد أردوغان، لابد (أنك تعلم أن حكومة بلادي تقوم عند تعرض مواطنيها لأي ضرر أو سوء في خارج أراضيها باتخاذ إجراءات احترازية تصل إلى تنبيه مواطنيها عند رغبتهم السفر إلى دول تفتقر إلى الأمن أو عدم الاستقرار السياسي الذي يؤثر سلباً على الشارع العام، وعند تعدي الأمر إلى المخاطر الأمنية تقوم بمنع المواطنين من السفر إلى هذه الدولة أو دول لا يتوفر لهم الأمن فيها.. اليوم السيد الرئيس أخاطبك وأنتم على رأس هرم الدولة في تركيا وأنا ممن يفضل زيارة هذا البلد المتنوع المقاصد وما يتمتع به من مقومات تفضيله في عدة مجالات.. لكن ما يحدث اليوم وما تتناقله وسائل الإعلام العالمية والتواصل الاجتماعي من أحداث ارتقت إلى الكراهية بل إلى العنصرية دون جهد يذكر لأجهزة الدولة التركية، ليس فقط لمعالجة نتائج تلك الأحداث بل العجز عن القيام بالعمل على عدم حدوثها أصلاً..
السيد أردوغان.. أنت تعلم أسباب إقدام السعوديين على السياحة في تركيا، لكن كثرة الحوادث والاعتداءات وتهديد المواطنين السعوديين والخليجيين والضرر بمصالحهم الاستثمارية بل وحتى التعامل في بعض وسائل المواصلات والمطاعم لهو أمر غير مقبول إطلاقاً في بلد يعتمد في جوانب عدة على مداخيل السياحة وجذب الاستثمارات الخارجية فيها سواءً استثمارية مباشرة أو من خلال الاستقطاب السياحي.. يقول المثل الوقاية خير من العلاج، حيث إن أجهزة الدولة التركية إذا كانت تعالج نتاج الحوادث فذلك غير كافٍ لبعث الطمأنينة لقاصدي تركيا ولابد من أن تبذل المؤسسات والأجهزة المسؤولة جهداً مضاعفاً لحماية السياح أو الزائرين من الاعتداءات المتكررة ونبذ الكراهية والعنصرية...
فالمؤسسات والقطاعات الأمنية في حكومتك وبكافة أشكالها.. ومسؤولياتها كذلك الثقافية والسياحية تفتقر إلى العمل الجاد الإيجابي لمنع مثل تلك الحوادث وغياب الوعي والمسؤولية عن الشارع التركي والتوعية بأهمية المجال السياحي أو الاستثماري وعوائده على الاقتصاد التركي ومهما كانت التوجهات السياسية..
فالسياحة فخامة الرئيس صناعة ذات عوائد اقتصادية ومالية جاذبة وتركيا بما تملك من مقومات طبيعية وبشرية وميزات جغرافية يعطيها الميزة التفضيلية عن غيرها لكن استمرار الانفلات والتعدي على السياح وتنامي الاضطرابات تحت الشعارات القومية المعادية للأجانب لن يستمر قبوله ولن يكون وجود السائح أو المستثمر السعودي والخليجي وقود صراع حزبي وليس فقط من أفراد فقدوا المسؤولية وتغذوا بالكراهية.. وعند هذا الحد.. لا مفر من مواقف صارمة، المتضرر الأول منها هو المواطن التركي البسيط والاقتصاد التركي بالعموم.. أعلم وأتفهم بعضاً من خلفيات تلك الأحداث وجذورها في الصراع والتنافس السياسي الداخلي.. وهذا لا يعطي الحق أن يكون ضحيته سائح قدم لبلدكم بداعي قضاء وقتٍ للراحة أو الاستجمام أو حتى مستثمرين أتوا للبحث عن فرص مفيدة للطرفين.. مع أنني أؤمن أنه ليس هناك مجتمع فاضل بالكلية لكن الصراعات السياسية الداخلية لم تؤثر على البيئة السياحية الآمنة في كثير من الدول حولك التي دعمت مقوماتها السياحية.. بفرض الأمن للسياح والمستثمرين.. تدرك سيادة الرئيس أن حكومة المملكة تعي أهمية العلاقات مع تركيا وما زيارة سمو وزير الدفاع السعودي لتركيا والتي تزامنت في خضم هذه الأحداث المؤسفة إلاّ دليل على أن العلاقات الرسمية في مأمن عن التصرفات السلبية في الساحة التركية أما المواطنون هنا -مع قناعة البعض القليل أن الذي حصل من اعتداء لن يغير من قناعتهم بالاستثمار والسياحة وواصلوا إقامتهم في تركيا- لكن ردود الفعل الوطنية داخل المملكة (في وسائل التواصل الاجتماعي) اتخذت منحىً ناقداً ومواقف رافضة بشدة تجاه الأحداث في تركيا وتكرارها وتناميها والدعوة إلى التوجه لدول أخرى.. ومع ذلك لازال الأمل أن الحكومة التركية ستكون مدركة لهذه المخاطر في نفس الوقت إيماني وثقتي أن قيادة بلادي لا تغفل عن هذه الأحداث وتقيم كل المخاطر والظروف التي قد تواجه مواطنيها في أي بلد يتواجدون فيه..
وتعمل من خلال اتصالاتها الدبلوماسية لدرء تلك المخاطر ومحاسبة المتسببين فيها، ولن أدع هذه الفرصة فخامة الرئيس دون الإشارة إلى ما يمكن أن تقوم به وسائل الإعلام التركية وأجهزتها المسؤولة بالتوعية الشاملة للشارع التركي عن طريق حملات إعلامية في المدارس والملتقيات الشبابية والجمعيات والتجمعات الوطنية فإن السائح والمستثمر في بلادكم يطمح في التمتع ببيئة آمنة (أياً من ارتضى الشعب التركي من يحكم بلاده) بعيداً عن الكراهية والعنصرية للأجانب رغم ما يمكن أن يكون من مواقف سلبية لبعضها تحت فضاء الحرية الإعلامية والتوجهات السياسية.. رسالة إلى من يهمهم أمر تركيا قبل أن تُسقط تركيا من خارطة السياحة والاستثمار السعودي والخليجي..