الميكروبات تنتقل من الشرق إلى الغرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
التطرف مثل الميكروبات التي تنتشر بمجرد التساهل معها وتركها تنمو وتتكاثر. وقد عرفت منطقتنا هذه الميكروبات جيداً. أُهملت لوقت طويل حتى انتشرت في المجتمع والمدارس والمنازل وكل مكان تقريباً. ولكن في الوقت الذي نُظفت فيه ميكروبات الكراهية والتطرف في الشرق انتقلت إلى أوروبا والغرب بشكل عام. وبعد أن أُسكتت أصوات دعاة التحريض في الخليج، أصبحت تلعلع في لندن وباريس ومونتريال. لن تسمع أي خطبة متطرفة في الرياض، ولكن، هناك «منيو» طويل لدعاة الكراهية والعنف في العواصم الغربية يمكن أن تختار مَن تريد منهم. ومن المفارقة أن الحكومات الغربية تحارب التنظيمات الإرهابية وتترك المنظِّرين لها والمتعاطفين معها ينشرون أفكارهم الإجرامية بحرِّية في بلدانهم. حرفياً، دواعش في التفكير والتنظير والتنفيذ بيد آخرين.
تَرْكُ هؤلاء المتطرفين ينشرون الميكروبات يتسبَّب في أمرين خطيرين. الأول أنها تقوم بشحن الأقليات المسلمة بخطاب الكراهية، وتعزلها عن الاندماج والتفاعل مع المجتمعات الأوروبية والغربية التي تعيش فيها، وتعزز فيها إحساس المظلومية والاضطهاد، وتسبِّب حالة من الصدام الثقافي والحضاري مع محيطها، ولهذا رأينا من أبناء هذه المجتمعات مَن يختار الانضمام لـ«داعش» أو «النصرة» و«حزب الله».
لماذا يقرر شاب وُلِد ونشأ في مجتمع متطور حديث الالتحاق بالتنظيمات المتطرفة؟ وقد رأينا قصصاً عديدة لشباب، رجالاً ونساء، تسللوا سراً من بيوتهم الدافئة السعيدة إلى التنظيمات المتطرفة الشيعية والسنية؟ السبب لأنهم يعيشون في أجسادهم في هذا المجتمع المتطور، ولكن ذهنياً ووجدانياً يعيشون في عالم آخر من تصميم الظواهري والبغدادي ونصر الله. المتطرفون حاصروهم من صغرهم وغمسوهم بمغطس الكراهية الدينية والحرب الصليبية. حشوا عقولهم بميكروبات التطرف التي تنجس المجتمع حولهم، ويعدّونه مجتمعاً كافراً مصيره الحتمي الجحيم الأبدي. لا يرون فيهم بشراً ولا يريدون الاختلاط معهم إلا في الحدود الدنيا. لا يرون فيهم أي رابطة إنسانية يمكن أن تجعل بينهم شيئاً مشتركاً، ولا هوية قومية ولا لغة تواصل وحوار. وبسبب هذا رأينا صدامات بين هذه الأقليات ورجال الأمن، وخرج منهم منعزلون قتلة وإرهابيون قساة، مثل الجهادي جون الذي كان يتلذذ بجز رؤوس الأبرياء الذين عاش بينهم وأكل معهم.
سيطرة الجماعات المتطرفة فكرياً على هذه الأقليات هو الذي خلق بينها وبين مجتمعاتها حواجز نفسية وفكرية ودينية وثقافية. ولن يتغير الحال إلا بإنهاء هذه السيطرة الكاملة من جماعات الإسلام السياسي على عقولهم، وتصوراتهم للحياة منذ وقت مبكر. وفي هذا مصلحة للمسلمين في أوروبا أكثر من أي أحد آخر. ولهذا عندما يطالب بعض القادة الأوروبيين بالقضاء على هذه الجماعات فإنهم يقدمون خدمة كبيرة للمسلمين، لأنهم سيخلصونهم وسيحررونهم من سطوتها حتى يستعيد المسلم روحانيته وفهمه للدين الإسلامي الأخلاقي والحضاري والإنساني المنزوع من الكراهية والعنف الممزوج بالمحبة والتسامح. ولهذا يتعرض هؤلاء القادة لحملة تشنيع مستمرة من قِبَل هذه الجماعات، لأنها تعرف مصيرها، ولا تريد أن تخسر نفوذها. ومن الخطأ أن يهاجمهم البعض بحجة أنهم يمين متطرف. الذي يقضي على التطرف ليس متطرفاً، ولكن المتطرف (أو الجبان والانتهازي أو المتردِّد) هو مَن يسمح للميكروبات بالنمو والانتعاش، وهذا يضر المسلمين قبل غيرهم الذين يتعرضون للاستغلال من قبل الساسة لكسب أصواتهم والظهور زيفاً بصورة المعتدلين.
الأمر الخطير الثاني أن المتطرفين لا يكتفون بنشر الميكروبات في أوروبا، ولكنهم باتوا يحرِّضون على الدول المعتدلة التي غسلتها في وقت سابق. ومن المفارقة أننا كنا نتحدث قبل سنوات عن الإسلام الأوروبي الذي سيقوم بالانتشار والتأثير على المسلمين إيجابياً، ولكن ما نراه الآن الإسلام الظلامي وليس الأوروبي. الغرب أصبح معقل الآيديولوجيات الموبوءة وتخرج منها أصوات تحرض على الاعتدال في الخليج والانفتاح الثقافي والإنساني والازدهار الاقتصادي الذي تمر به. في السابق كانت منطقتنا تصدر التطرف للعالم، ولكن في العقد الأخير تغير الحال بشكل جذري، حيث تدفع دولة مثل السعودية بكل شجاعة وتصميم خطاب التعايش الإنساني داخل وخارج حدودها، ولهذا تأثير كبير بحكم مكانتها الدينية. للمرة الأولى نرى ضوءاً في نهاية النفق، ونرى فرصة للخلاص والانتقال لمرحلة حضارية جديدة ينسجم فيها العلم والدين والتقدم والأخلاق، وتنتصر فيها ثقافة الحياة والسعادة على الموت والكآبة. وبالفعل أصبحنا نقرأ عن المنجزات الاقتصادية والصفقات الاستثمارية أكثر من العمليات الإرهابية وتفكيك الخلايا السرية. حملات التحريض موجهة تحديداً لهذه الدول التي طهَّرت ثقافتها ومجتمعها من كل هذه الميكروبات التي نقلوها معهم، ويتم توظيف كل القضايا بهدف إضعافها ويصمتون، بطريقة مكشوفة، عن غيرهم.
كنا نتوقع الحل من أوروبا، ولكنها صارت المشكلة. كنا نتوقع أن تهب منها رياح التسامح، ولكن رياح التطرف هي التي وصلتنا. انتظرنا التعايش وتفاجأنا بالتكفير. تأملنا أن نقرأ كتباً تفهم الدين الإسلامي الحنيف والعظيم بطريقة علمية وإنسانية وأخلاقية وفلسفية، ولكننا استقبلنا من أوروبا خطب «المكفراتية» الظلامية التي تشوه صورتنا وتحرِّض علينا. كل هذا تدفع ثمنه الأقليات المسلمة العاجزة عن الخروج من هذه الورطة. والحجة دائماً هي نفسها؛ حرية الرأي والتعبير، ولكنها حرية تؤدي إلى العنف فعلياً والعزلة سلوكياً والإحساس بالاضطهاد نفسياً، وهذا ما يضر المسلمين والأوروبيين الذين يشتكون من ظاهرة التطرف والصراع الثقافي المتزايد.
الحل بسيط ومباشر: تعلموا من غيركم، نظفوا الميكروبات من على السطح وفوق السقوف وداخل الأدراج وبين الشقوق وكل مكان وتنتهي المشكلة.
التعليقات
الجراثيم متوطنة في الشرق و تعامل وراثيا في الغرب
كاميران محمود -لاوضح بداية بان موقفك وقلقك مما تسميه الكراهية والتطرف نشاركك فيه لكن اصل الكارثة وسببها قد يحتاجان بعض التفاصيل التي تغيب عند تقييم كونهما كامنين في فكر الجماعات المتطرفة وليس في الاصل الذي لو انتزع منه العنف والكراهية الموجهين للرافض والمخالف والناقد لمن يقاضي من يحكم بحلاله و بحرامه بتهمة امتهان كرامة البشر, لاصبح لائقا بممارسي اليوغا.والمستغرب هو عدم ورودتفاصيل عن ذلك(البعض)الذي يتهم قادتكم بالتطرف اليميني ومايبنون اتهامهم عليه لفضحهم وتوقعي(الاستباقي) يدور حول الاوباميين.وللاختصار وللتوضيح فان الاسلام الاوربي يحتلف عن الاسلام الظلامي في المنهج لا الهدف اي (الاسلمة) .وشباب الاقليات الاوربية ممن اختاروا الاسلام فكرا ومنهجا(كتوصيف وحيد)ينحدرون من اسر ذات خلفية ثقافية بائسة(لاأقصد تعليمية) تفتقد ادنى اتصال بالابداع الفكري والثقافي ولم تر في بيوتها غير القران كتابا وقسم صغير منهم متاثر بافكار الاوباميين وحلفائهم من المناخيين وغيرهم من مبجلي التدمير الدائم للحضارات.والمسألة الاهم في الحالة الغربية هي ان اي مواطن يستطيع ان يقول للمنظرين للارهاب وللمتعاطفين معهم ان الخلل في بنية فكركم(دينكم) ويفضح لهم عواره وفي حماية مماثلة من حرية التعبير والرأي اما في الحالة الشرقية فيقتل نفس المواطن بحجة انتهاك ثوابت الامة المتمثلة في قتل من ينتقد دين اذلال الشريف وتبجيل الدنئ دون اسباب اومقدمات
الجراثيم كمان وكمان
كاميران محمود -لدي بعض التساؤلات حول كون بيان جبهة علماء الأزهر الذي احل سفك دم فرج فودة وفتوى الفصل بين نصر ابو زيد و تكفير حيدر حيدر(الحكم بقتله)بسبب رواية، جراثيم نشرتها كهنة الإسلام الظلامي الغربي أم أنهامن أصول دين السماحة وتعتبر من مقدساته التي صرح عظيم كهنة الشرق وبعض صبيانه بعدم الاستعداد للتفريط بها بالاضافة إلى تجديد تهجمهم على اللاديني(الذي أكد السيسي على كونه جزءا من النسيج المجتمعي)وكان اللاديني هو الإرهابي والظلامي وليس الازاهرة باسلمتهم للمجتمع ،وان كان بإمكان الكهنة إيضاح اختلافهم عن الاخوان في تلك المسألة وفي محاربة الثقافة، وكأنهم يقولون ان مشروع تجديد الخطاب الديني: خرج ولن يعود.