اللايقين.. أمريكياً وإسرائيلياً
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يزور بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الولايات المتحدة، على خلفية ارتباك في تل أبيب وواشنطن، فالأولى تضطرب بتداعيات الحرب على غزة، منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والثانية تحاول لملمة آثار غياب الرئيس جو بايدن عن المنافسة الانتخابية بعد إعلانه التنحّي، وإفساح المجال أمام الحزب الديمقراطي لاختيار مرشح يواجه الجمهوري دونالد ترامب.
راهن نتنياهو على الزيارة باعتباره مَخرجاً مهماً من الأزمات التي تطارده، منذ بدء الحرب على غزة، وفي القلب منها مسألة الرهائن لدى حركة &"حماس&"، بخلاف فشله في تحقيق أيٍّ من الأهداف المعلنة للحرب. أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يعزّز صورته الداخلية، بخاصة بين المختلفين معه من النخبتين، العسكرية والسياسية، في إسرائيل، بدعوته إلى إلقاء خطاب أمام &"الكونغرس&"، وهو دليل على قوة العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومحاولة للقول إن ما اعترى علاقة الجانبين من خلافات بسبب الحرب في غزة أمرٌ عابر في تحالف استراتيجي، لا يهدّد أي تباين في الرؤى استمراره، وقوته.
الزيارة المقررة منذ فترة، تبدأ الآن، وقد تنحّى بايدن، وانهمك الديمقراطيون في البحث عن منافس لترامب، بينما الجمهوريون يستسهلون مواجهة كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي الذي لا يقنع البعض بمجرد غيابه عن السباق الرئيسي، ويطالبون بمغادرته منصبه قبل الموعد المقرر لذلك، مطلع العام المقبل.
في هذه الظروف الموصوفة باللايقين الذي تعيشه الولايات المتحدة، يقصدها بنيامين نتنياهو، لكنه هو الآخر أصبح يواجه لحظات مماثلة، فلم يعُد متأكداً من أن مجرد وقوفه في &"الكونغرس&" مخاطباً أعضاءه سيكفي لطمأنته، وتقوية مركزه في مواجهة خصومه بالداخل الإسرائيلي، أو أمام &"حماس&" التي تستعصي عليه، ونُذر اتّساع الحرب لتشمل أطرافاً أخرى في المنطقة.
نتنياهو نفسه أشار إلى &"حالة عدم اليقين السياسي الكبير&" التي تولدت في الولايات المتحدة بتنحّي بايدن، لكنه بلا شك يستشعر انطباقها عليه، وحاول بشكل، غير مباشر، التهوين منها بالقول إن العلاقة بين البلدين لا تتأثر بتغير من يجلس في البيت الأبيض.
ورغم ذلك، فإن نتنياهو يدرك أنّ لا يقينه سيرافقه من الآن إلى موعد تحديد شخصية الفائز في الانتخابات الأمريكية، فملف الرهائن لدى &"حماس&" يطارده، وإعطاؤه الضوء الأخضر لاستئناف المفاوضات حولهم في الدوحة لم يوقف حنق عائلاتهم التي تلحّ في التظاهر، حتى وهو يغادر من مطار تل أبيب.
والتظاهرات أيضاً تنتظره في الولايات المتحدة، فالرافضون لحربه على غزة، بنتائجها الإنسانية الكارثية، في انتظاره على نحو استدعى استنفاراً أمنياً.
سينتظره طلاب جامعات أمريكية، وعرب، وفلسطينيون، ويهود مناصرون للسلام. سينغّص عليه هؤلاء، بلا شك، لحظات دخوله إلى &"الكونغرس&" لتسجيل نصر يعز عليه في ساحات أخرى. وسيعود إلى ساحة الحرب بلايقين أكثر، لا يعرف إن كان سيمضي فيها إلى أن تنجلي الصورة في الولايات المتحدة، أم يُساق إلى حرب غيرها، أو ينتهي مستقبله السياسي قبلها.