فحص سريريّ للهموم الثقافيّة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
هل وقع القلم في دوّامة شواغل الثقافة العربية؟ سيأتيك بالتحليل من لم تزوّد. المعضلة المزمنة عندنا هي الفصل بين العلوم والمعارف والفنون. مثل الفصل بين العقل والجسد، أو بين الروح والجسم. في الدماغ، لا تنفصل المادّة عن الوعي.
عند الفحص الشامل، يتبيّن للطبيب الثقافي وجود أعراض تدل على خلل في التنسيق بين الوظائف. عندما ترى أمّة مكوّنة من شعوب، تشترك في مستوى دون المتوسط من الرياضيات والفيزياء، وفي غياب الفلسفة والفلاسفة، وفي ندرة مراكز البحث العلمي، وفي إعلام علميّ، تحت الحدّ الأدنى، إلى حدّ أن أربعمئة مليون نسمة لا يملكون ولا حتى مجلةً علميةً واحدةً قيّمةً، مع هبوط الموسيقى، التي تمثل قرابة 70% من ثقافة الشعوب. حتى كتابة كلمات الأغاني انحدرت.
المشكلة المحيّرة هي أن هذه الأعراض لا تلفت الانتباه، ولا تستدعي حالة تأهب قصوى، أو خططاً علاجية جذرية. بعيداً من الشعارات، لا يحتاج الأمر إلى ثورة ثقافية، تكفي صحوة مناهجية تغيّر كل شيء من الأساس. لا داعي إلى المبالغة كالقول إن كل تخلف في التنمية إنما هو تخلّف ثقافي فكري إداري في منشئه. إن العلوم والمعارف سواقٍ، والفلسفة أمّ العلوم، فمنها نشأت الأسئلة، واليوم لا تتقدم العلوم إلاّ ومعها فلسفة العلوم. منظومة الفنون صارت على صلة عضوية بفيزياء الكمّ، الموسيقى والتشكيل والتصوير الفوتوغرافي والجرافيك والفن السابع، والميتافيرس وسائر وسائط التواصل. هل يُعقل أن تظل المناهج جالسةً القرفصاء تتفرّج والقطار يمرّ بسرعة ارتداد الطرف؟
أعظم بشرى إلى العالم العربي هي أن مجموعة الأدواء المذكورة مشتركة وليست حالات فرديّة محليّة. للأسف، هذا ليس عملاً عربيّاً مشتركاً أو وحدويّاً، لكن الأمل كبير، فالقبس ظاهر، ولعلّنا نجد على ناره هدىً، أي أن أيّ بلد عربي ينجح في كسر هذه الحلقة المفرغة، ويغيّر نظام التربية والتعليم من الأساس، فإن فوزه بقصب السبق سيكون أعظم هديّة إلى أشقائه العرب جميعاً. بالمناسبة: على المناهج العربية ألاّ تنسى مقولة عالم الرياضيات الفرنسي سيدريك فيللاني: &"يجب نسف مناهج العلوم والرياضيات الفرنسية لأنها متخلفة عن العصر&". لزيادة الخير، علينا تعميم النسف على كل المناهج.
لزوم ما يلزم: النتيجة الأملية: إعادة هيكلة النظام التعليمي المنتظرة، في الإمارات، مصدر أمل وطيد في تغيير مفهوم القطاع ورسالته المحورية في التنمية الشاملة.