جريدة الجرائد

حين ترفع الثقافة يديها

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عبداللطيف الزبيدي

هل يئستَ من أن المثقفين العرب، سيجودهم غيثُ مفهومٍ للثقافة في مستوى الأحداث؟ انتظر، يبدو أنهم منذ عقود طويلة يُعدّون العدّة لاقتحام عصر، لا يكون الإنسان العربي فيه في خسر. أنت واهم إذا حسبت أنهم ذوو اعتقاد ثابت غير متحوّل، أن المفاهيم الثقافية الموروثة عن القرون الخالية، صالحة لكل ظروف الزمان والمكان.

حذار سوءَ الظن، فهم ليسوا من ذلك الصنف الذي يرى الثقافة كما لو كانت مخازن وعنابر، فيها أجنحة مصنّفة طبقاً للعصور أو القرون أو البلدان والحضارات والثقافات، سوى أنها لا تتفاعل معاً، لا تتجاوب، لا تتناغم، ولا علاقة لها بطريقة التفكير والسلوكيات الذهنية. لك أن تقول: إننا نتعامل مع ميراثنا الثقافي العربي الإسلامي على هذا النحو. خذ مثلاً: هل كان العرب والمسلمون، وهم يناطحون المليارين، على أدنى استعداد لمواجهة التسونامي الذي أثاره د. برنارد لويس، بإشعال الفتيل النظري، الذي صار فتنة الإرهاب والتطرف، وتسلّم مشعله جبابرة المخططات الجيوسياسية الجيوستراتيجية؟ الأمتان انطلت عليهما الأباطيل والأحابيل، وأمْسَتا القِدر الأسخنَ من الحساء. مع ذلك لا تيأس من بسمة فجر ثقافي عربي.

حتى المنطق الثقافي المتداعي، يجب إعطاؤه فرصةً، من باب حريّة التعبير، فلعل لديه ما يقول: لماذا يتصور دعاة التغيير في المفاهيم الثقافية، أن بحر المتقارب يمكن أن يكون بديلاً من رباط الخيال؟ أنت لو أتيت بأساطيل قصائد كلها «فعولن فعولن فعولن فعول»، من مشرق الشمس إلى مغربها، فإنها لن تساوي رصاصةً ولا حتى سهماً، وكما لم يقل المتنبي: «ديار اللواتي دارهن عزيزةٌ.. بطول القنا يُحفظن لا بالقصائدِ».

بالمناسبة: هل نحن طردنا من الثقافة العربية أبا الطيب القائل: «أعلى الممالك ما يُبنى على الأسلِ»، وأبا تمام: «السيف أصدق إنباءً من الكتبِ»؟ أغلب الظن أنه يقصد أنه حين تكون أبواب ديار الأمّة مخلّعةً وكالاتٍ بلا بوّابات، فإن وسادة الشعر والبيان والتبيين، التي وضعت رأسها عليها، لن تحميها من غوائل حادثات الليالي. بعبارة أخرى، كلام الشاعرين، ومنه عشرات الآلاف في مكتبتنا التراثية، كان له شأن أيّام زمان، واليوم بات غير ذي بال في ميزان المفاهيم الثقافية الحديثة؟ أم أن المثقفين العرب أسقطوا من حسابات فكرهم الثقافي المتطور ثقافة الفعل، ثقافة الحياة، ثقافة إرادة الحياة والبقاء وفرض الوجود؟

لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: لا حلّ إلا بربط المناهج والثقافة بالحياة العامة، في تنمية شاملة واحدة. انظر إلى الأمّة واحكم على ثقافتها ومثقفيها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف