المجتمع الدولي والمحك الأخلاقي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
د. حسن مدن يربط الكاتبان بيتر أوبورن ولبنى مصاروة في مقالٍ نشر على موقع «ميدل إيست آي» بعنوان «إسرائيل تكرر مأساة أبو غريب والعالم يلتزم الصمت»، بين الصور الصادمة التي أظهرت فظائع ارتكبها الجيش الأمريكي قبل نحو عشرين عاماً في سجن أبو غريب، وما يحدث في السجون الإسرائيلية تجاه المعتقلين الفلسطينيين، ويؤكدان أن هناك مشاهد شبيهة، وربما أسوأ، تحدث في السجون الإسرائيلية منذ بداية الحرب على غزة، حيث أظهرت لقطات مسربة اعتداء جنود إسرائيليين جنسياً على معتقلين فلسطينيين، فضلاً عن أوجه أخرى من المعاملة المهينة، والضرب التعسفي، والحرمان من النوم، والعنف الجسدي ضد المعتقلين.
يُعبّر كاتبا المقال عن استغرابهما من «الصمت الجماعي» للسياسيين ووسائل الإعلام حيال سلوك إسرائيل الذي يصفانه ب «الوحشي»، مشيرين إلى أن الحديث يدور عن جرائم حرب منهجية ارتكبت على نطاق واسع من قبل دولة تخضع بالفعل لتحقيق في محكمة العدل الدولية، مشيرين إلى أن صمت المجتمع الدولي يُعَد بمثابة تواطؤ.
ليس الصمت عن انتهاك حقوق المعتقلين والسجناء السياسيين الفلسطينيين وتعذيبهم هو وحده الدليل على تنصل المجتمع الدولي من مسؤوليته الأخلاقية في ردع الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية، وبينها المذبحة الأخيرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي باستهدافه مدرسة تؤوي نازحين في حي الدرج شرق مدينة غزة، خلال تأدية اللاجئين صلاة الفجر، وراح ضحيتها أكثر من مئة شهيد، فضلاً عن أعداد كبيرة من الجرحى، حيث أفادت التقارير الطبية بأن أغلب الإصابات التي نُقلت إلى المستشفى حالتها خطرة للغاية، وأن العديد من الضحايا مجهولون لصعوبة التعرف على الجثث التي تفحمت، رغم أن المكان المستهدف مصنف على أنه «مكان آمن لإيواء النازحين»، وبينهم كثيرون ممن اضطروا إلى مغادرة بيوتهم في الشمال بحثاً عن مكان آمن.
دول أجنبية أصدرت بيانات حول هذه المذبحة، بعضها تضمن انتقادات خجولة لإسرائيل، كأنّ من صاغوا هذه البيانات عزّ عليهم أن يدينوا بصريح العبارة ما جرى، ويحملوا إسرائيل المسؤولية الصريحة عن الفظائع التي ارتكبت. ما عسى هذه الجمل الخجولة أن تفعل في ردع المعتدي عن مواصلة حرب الإبادة ضد الفلسطينيين الأبرياء، وغالبيتهم نساء وأطفال، لا لشيء سوى أنهم فلسطينيون؟ ما الذي يجعل الدول الغربية البارعة في فرض العقوبات على الدول التي تخالفها في السياسة، وتفعل ذلك تحت عناوين من نوع الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان تغضّ الطرف عن الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية ضد المدنيين، بل وتستمر في تزويد إسرائيل بكميات لا تنتهي من الأسلحة للقتل والتشويه والتدمير لإطالة أمد سفك الدماء والرعب؟