جريدة الجرائد

يوميات القراءة (3)

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

.. معارض الكتب في الإمارات أسهمت بطريقة فاعلة في تعميق ثقافة القراءة، وقبل إطلاق هذه المعارض لم يكن مألوفاً أو معروفاً عند القارئ تلك المساحات الواسعة المفتوحة لبيع الكتب، وعرضها، وتجاورها في أجنحة كانت صغيرة في ثمانينات القرن العشرين، والمهم أيضاً في هذه الصورة ذلك الحشد من الناس الذين جاؤوا ليشتروا الكتب: رجال، ونساء، وعائلات، وأطفال، وأصدقاء.. كل هؤلاء جاؤوا من أجل الكتب.. ذلك كان معرض الشارقة للكتاب في خيمة كبيرة أو مجموعة خيم منصوبة في الفسحة المكانية القريبة من مبنى بريد الشارقة، في مقابل قاعة إفريقيا.

قبل معرض الشارقة للكتاب لم أعرف معرضاً للكتب لا في الأردن، ولا في السعودية، ولا كان في الجزائر، وكان معرض الشارقة للكتاب بالنسبة لي أشبه بالتعويض عمّا كنت قد حرمت منه، فأخذت أشتري الروايات، ومجموعات الشعر، والكثير من الترجمات.. وكتب الفلسفة، والنقد الأدبي، لا بل ذهبت إلى بعض القراءات في النقد التشكيلي، وتحديداً حين تعرّفت إلى الفنان حسن شريف الذي كان في العام 1986 أو 1987 قد عاد للتوّ من بريطانيا إلى الإمارات.

سيصبح حسن شريف في التسعينات صديقاً يومياً، وحالة ثقافية هي نعمة لكاتب هذه السطور، فقد كان يقرأ بثلاث لغات يجيدها كما يشرب الماء: العربية، الفارسية، الانجليزية.

لقد علّمتني الحياة والتجربة أن القول المأثور: «.. كل قرين بالمقارن يقتدي..» هو صحيح بنسبة مئة في المئة، فمن خلال حسن شريف الفنان التشكيلي والقارئ أخذت أقرأ ما كان هو يقرأ، وسوف أقرأ ل «هرمان هيسيه» مثلاً، لأن دليلي إلى هذا الكاتب الألماني كان قريني حسن.. كما دلّني إلى كتب وقراءات كانت مثل السحر المكتوب في الورق.

أردت القول إنه من الضروري أن نعرف ماذا يقرأ أصدقاء أبنائنا، لكي نعرف ما يقرأ أبناؤنا، وهي ملاحظة تربوية تماماً تأتي في سياق ظاهرة القراءة العالمية في الإمارات، لا بل إن قولاً متداولاً مثل «قل لي ماذا تقرأ.. أقل لك من أنت..» هو فعلاً قول منطقي، والقراءة وفق هذا المنطق تشبه البصمة..

وكذلك القراءة هي بصمة لا تكشف فقط عن الهوية الشخصية للكائن البشري الذي امتاز بين الكائنات الحية بالقراءة، بل، تكشف القراءة أيضاً عن فكر هذا الكائن، وأعماقه وميوله.

تكشف الكتب عمّا لا يستطيع علماء الاجتماع وعلماء النفس اكتشافه بالقراءة لا بالعيادة العلاجية، مثل العنف، الانتقام، الكذب، الخيانة، النفاق، وليس انتهاء بالجنون.. وكل هذه الحالات المرضية موجودة في الكتب إذا قرأتها قراءة صامتة، هادئة، استنتاجية..

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف