جريدة الجرائد

الثقافة العربيّة في عالم عدواني

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ما هي انعكاسات الأوضاع العربيّة والعالميّة الحاليّة، على معنويّات المثقفين العرب؟ هل تريد صيغةً مخففةً للسؤال؟ مثلاً: هل تتأثر الآداب والفنون سلبيّاً إذا كانت في البيئة الإقليمية والدولية، عوامل عدوانية؟ هذا أهون على المثقف العربي من أن تسأله: ويحك، هل نمت عن أن العالم العربي انتقل إلى مرحلة متطورة جدّاً من الصدمة والترويع؟ الآن: إذا أشعلتَ عود ثقاب، واجهوك ببركان.

من حق المثقف أن يعرف محلّه من إعراب الحياة والتاريخ: ما هي وظيفته، دوره، أمانته إزاء شعبه وهويته وأمّته؟ هذه قضية جدّية ومصيرية بل ووجودية بالنسبة إليه. إذا كان محور دوره هو إبداع الآداب والفنون، ونقدها وتطويرها والتحقيق فيها نظريّاً وتطبيقيّاً، فهل يؤخذ على محمل الجدّ، إذا رفع عقيرته متحدثاً هذه الأيام في وسط ثقافي عن الأسباب التي حالت دون تطوير الموسيقى العربية؟ إذا هو طرح تصوّراته عن الشعر العربي سنة خمسين؟ سيقال له: يا أخا الثقافة، تحسس موضع قدميك أوّلاً، قبل أن تتحرك الرمال تحتهما، فهل تعلم أنت أين سيكون الجانب الأكبر من العالم العربي في منتصف القرن؟

للأسف، مرّت من عمر الثقافة العربية عقود، لم يكن أصحاب الشأن يطرحون فيها قضايا الثقافة والهوية، الثقافة والشخصية العربية، المركزية الفكرية في الثقافة العربية، الجاذبية الاجتماعية والسياسية في ثقافتنا المعاصرة، التجديد الفكري في إبداع المثقف العربي، التكوين الفكري للمثقف العربي، وغيرها من آلاف القضايا... في المقابل، ينفش بعض المثقفين ريشهم إذا تحدثوا ملء الشدقين عن تأثيرات «كافكا» في القصة القصيرة العربية، بينما تتلقى بلدان عربية عدّة في كل يوم ألف «كفخة».

شئنا أم أبينا، على المؤسسات الثقافية وسائر الأوساط المعنية، أن تعكف على بحث هذه القضية بجدّ، وإلا فإنها تضع نفسها في مهبّ العاصفة. المنطلق: كم عدد المثقفين العرب؟ نحن نتحدث عن مئات الألوف، وأكثر، في جميع مجالات الفكر والآداب والفنون. هؤلاء هم أهم ملتقى للوعي العربي. هم الذين يصنعون الذوق العربي، في عالم عربي لا يستطيع أحد عربي أو غيره تجريده من هويته أو وصفه بنعت آخر. يختلف العرب، يتنازعون ويتفرّقون، ولكن تظل أم كلثوم، فيروز، أسمهان، وردة... للجميع. هل ينبغي لثقافة تعتز بهوية أمّتها أن تترك جيوش إبداع ذوقها، تنهار وتتلاشى جرّاء ذهاب ريح معنوياتها؟

لزوم ما يلزم: النتيجة اليقينيّة: ما يحدث للثقافة العربية في رحى الظروف الإقليمية والدولية، ستكون له عواقب جيوسياسية وجيوستراتيجية يصعب تصوّرها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف