جريدة الجرائد

توقعات خاطئة غير مبررة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

محمد سليمان العنقري

تلعب المؤسسات المالية أدواراً مهمة في إدارة حركة أسواق المال، حيث إنها المرخصة لإدارة الأصول أو الاستشارات، وكذلك الحفظ والعديد من الرخص المتاحة لها، وتهدف عادةً هيئات الأسواق إلى دعم الاستثمار المؤسسي لجعل الأسواق جاذبة للمستثمرين، ولتكون بوابة لتمويل القطاعات الاقتصادية والاستفادة من المدخرات وتنمية الثروات، ولذلك تهتم بدعم العمل المؤسسي الذي تعول عليه لصناعة أسواق مال ناضجة والدور الأكبر في ذلك بعد أن تكون البيئة التنظيمية صحية، وتتطور بحسب الاحتياج هو على عاتق المؤسسات المالية التي لها حرية اختيار نوع الرخص التي تود العمل من خلالها، فبالإضافة لإدارة الأصول هناك دور مهم أيضا يتمثل في دعم التوسع في فهم المعلومات الصادرة بالسوق من أنظمة أو أخبار الشركات، وكذلك القرارات والتوجهات الاقتصادية عموماً.

ما يلفت النظر في الجانب المهم من دور المؤسسات المرخصة لتقديم الاستشارات أو التقارير عن السوق والاقتصاد هو توقعاتها لنتائج الشركات، وهي في غاية الأهمية للسوق، فمن خلالها يمكن للمستثمرين توجيه استثماراتهم أو إعادة توزيع مراكزهم في القطاعات، ويلاحظ بشكل واضح التباينات الحادة أحياناً بتوقعات بعض المؤسسات المالية حول نتائج الشركات في سوق المال، فقبل أيام أعلنت شركة سابك نتائجها المالية للربع الثاني والتي حققت فيه ربحاً بحدود 2.180 مليار ريال وبنمو قارب 85 بالمائة عن الفترة المماثلة، بينما جاءت توقعات بيوت المال عند متوسط في حدود 859 مليون ريال وهو فارق كبير جداً حيث زادت الأرباح عن هذه التوقعات بحوالي 150 بالمائة، وحتى إذا استبعدنا عكس مخصص الزكاة البالغ 545 مليون، فالفارق يبقى في حدود 776 مليون ويزيد عن تلك المتوسطات بقرابة 85 بالمائة، وهي فروقات كبيرة جداً، فمن المقبول أن تكون الفوارق عن الرقم المعلن رسمياً في حدود خمسة بالمائة أعلى أو أقل في أسوأ الحالات، مع العلم أنه عندما نراقب التوقعات المماثلة في الأسواق الأمريكية على سبيل المثال، فإن أغلبها يكون قريبا جدا، وبفارق لا يتعدى 1 بالمائة غالباً أي عملياً يجب أن تكون التوقعات في سوقنا لنتائج الشركات كما هو في الأسواق العالمية.

فيفترض أن تهتم المؤسسات المالية بإدارات الأبحاث لديها، وأن تستقطب متخصصين لكل قطاع، فما حصل مع نتائج سابك يضع عدة احتمالات إما أن من قدموا هذه التوقعات بنوها من المكاتب دون معرفة بتفاصيل إنتاج سابك وأسواقها واستثماراتها وتكاليفها التي تختلف من مصنع لآخر، ومن منتج لآخر وتفاصيل الشركات التابعة لها ونسب ملكيتها فيها، وكافة التكاليف وإما أنهم غير متخصصين في قطاع البتروكيماويات، وأن كل ما قاموا به هو لوضع اسم المؤسسة في دائرة الضوء، لأن اسم سابك كبير جداً، والاقتران به من خلال إصدار توقعات وتحليلات عنها، وعن أي شركة كبرى من بعضهم يمثل دعاية مجانية فمن المتعارف عليه أن إصدار التوقعات يتم من خلال متابعة مستمرة للشركات التي تقع تحت تغطية المؤسسة المالية التي يصدر منها التقارير، وهذا يتطلب زيارات مستمرة من قبل معدي التقارير للشركات التي يستهدفونها والتعمق في تفاصيل الصناعة عالمياً ومتابعة للأسواق والأسعار والاشتراك في نشرات متخصصة دولية تعد موثوقة في معلوماتها، وينطبق ذلك على كل نشاط أو قطاع بحسب طبيعته.

إدارات الأبحاث مهمة جداً، وكلما كانت عالية المهنية وتقاريرها وتوقعاتها دقيقة وقريبة دائما من النتائج المتحققة فإن ذلك يعزز من الثقة بالمؤسسة المالية ويجذب المتداولين والمستثمرين لها فهي قد لا تبيع تلك التقارير وتصدرها مجاناً، لكن العائد غير المباشر منها قد يكون أكبر تسويق وفائدة للمؤسسة ويعد عاملا مساندا لعمليات الدعاية والإعلان التي يسوقون بها منتجاتهم ونجاحاتهم في إدارة الأصول وتنمية الاستثمارات فبعض مسؤولي المؤسسات المالية وفي حديث معهم قبل سنوات كانوا يقولون إن إدارات الأبحاث مجرد مصاريف زائدة لا تحقق عائدا وهي نظرة قاصرة منهم للمفهوم الواسع لعمل أسواق المال ودور المؤسسات المالية بكافة أنشطتها فيه وعلى رأسها تقارير السوق والأبحاث والتوقعات للنتائج وللاقتصاد أيضا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف