جريدة الجرائد

استراتيجيات الطاقة وجاهزية الدرع الرقمية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أحمد بن سميط

في سياق سلسلة مواكبة التطورات العالمية والحلول المستدامة لمستقبل الأجيال المقبلة، وطفرة استخدام تقنيات الذكاء الصناعي والطاقة المستدامة، أدى التحول نحو مصادر الطاقة المستدامة إلى تحسين أمن الطاقة، من خلال تقليل الاعتماد على واردات النفط والغاز، والتي تكون عرضة للتأثير الجيوسياسي. ولكن هناك تحدياً جديداً أن الطاقة المتجددة، التي تشكل حصة كبيرة من مزيج الطاقة حول العالم، من خلال تنفيذ شبكة دائمة التوسع من أجهزة الاستشعار والبيانات الضخمة والشبكات، أصبحت عرضة لأنواع جديدة من التحديات الأمنية. أصبح قطاع الطاقة هدفاً للتهديدات السيبرانية، بسبب الاعتماد على التقنيات المتعلقة بإنتاج الطاقة وتوزيعها، وظهور الشبكات الذكية وأجهزة إنترنت الأشياء والبنية التحتية الرقمية.

لا يقتصر ضمان الامتثال للأمن السيبراني على حماية البيانات الحساسة فحسب، بل يتعلق بحماية البنية التحتية الحيوية التي تعتمد عليها الدول والشركات. ويتطلب تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والحفاظ على الأمن، تطوير استراتيجيات فعّالة للدفاع عن العالم الرقمي، حيث يلعب الأمن السيبراني في هذا العالم الرقمي المعقد دوراً حيوياً.

الأمن السيبراني يمثل الدرع الرقمية التي تحمي عالمنا المتصل بتكنولوجيا المعلومات. ويشمل مجموعة من السياسات والتقنيات التي تستهدف الوقاية من الهجمات وحماية الأنظمة الرقمية وبناء حاجز ضد التهديدات باستخدام برامج مكافحة الفيروسات، وجدران الحماية، وتحديثات البرمجيات.

العطل التقني العالمي لأنظمة تكنولوجيا المعلومات تسبب مؤخراً في أزمة انقطاع واسع لخدمات شركة «مايكروسوفت»، وتعطيل رحلات جوية وبنوك ووسائل إعلام وشركات في جميع أنحاء العالم، وكان العطل المعلوماتي العالمي ناجم عن «تحديث فيه خلل» أجرته شركة الأمن الإلكتروني CrowdStrike Holdings، أثبت أن من متطلبات إيصال الطاقة هو أن تكون على درجة عالية من الموثوقية والاستمرارية، وتوافر الأمن في عالم يتسم بالترابط الإلكتروني، كما يعتمد أمن البلاد وازدهارها الاقتصادي ورفاهية شعبها على بنية تحتية موثوقة.

يشكل أمن الشبكات العمود الفقري لأي استراتيجية للأمن السيبراني، وبخاصة في قطاع الطاقة، الأنظمة المعقدة والمترابطة هي القاعدة، جدران حماية قوية، وأنظمة كشف التسلل (IDS)، وأنظمة منع التسلل (IPS)، اكتشاف ومنع الوصول غير المصرح به، وتحديد الأنشطة الضارة والتخفيف من آثارها، بروتوكولات التشفير، الشبكات الافتراضية (VPN) والمصادقة متعددة العوامل (MFA)، لحماية سلامة البيانات وتعزيز الوضع الأمني للشبكة، واستكمال هذه الحلول بأدوات اكتشاف نقطة النهاية والاستجابة لها (EDR).

كما يتضمن بناء ثقافة الأمن السيبراني في قطاع الطاقة تدريب الموظفين وزيادة الوعي حول التهديدات وأفضل الممارسات، وتلعب العوامل البشرية دوراً مهماً. ويعد هذا التحول الثقافي أمراً بالغ الأهمية لتقليل مخاطر الخطأ البشري، والذي يعد عاملاً رئيسياً في الهجمات الإلكترونية الناجحة ويجب تطوير برامج تدريب شاملة وتقديمها لجميع الموظفين، بدءاً من المديرين التنفيذيين وحتى العاملين في الخطوط الأمامية.

الحلول والسيناريوهات البديلة وإدارة الأزمات أمر لا مفر منه وهو ما نجحت دولة الإمارات بحمد الله في تحقيقه. وتقتضي التطورات العالمية المتسارعة وزيادة المخاطر المحيطة بها، أن تستمر الجهود وتسخير الموارد في هذا المجال دون توقف، والأخذ في الحسبان أن التحديات والمخاطر في المستقبل، ستكون أكبر وأوسع.

إن إجراء محاكاة لأنواع مختلفة من الهجمات السيبرانية، وتطبيق آلية الاستجابة للحوادث السيبرانية الطارئة؛ بدءاً من الاستعداد والاكتشاف والتحليل، ثم الاحتواء والتعافي وإجراءات ما بعد الحادثة، ومشاركة المعلومات، والدروس المستفادة، لإيجاد حلول مرنة ورشيقة ومبتكرة، يسهم في مواجهة التحديات والتهديدات المتجددة وفق أفضل المعايير والممارسات العالمية، للإسهام في حماية البنى التحتية الحساسة والمصالح الحيوية والإلمام بآخر الأساليب المستخدمة في الهجمات السيبرانية، والتزود باستراتيجيات التعامل معها عبر تمارين سيبرانية تحاكي سيناريوهات واقعية يتم تحديثها باستمرار وتنفيذها عبر منصة متخصصة بالتعاون والتنسيق بين كافة الجهات المختصة، وبناء شراكات بين القطاعين العام والخاص لمعالجة البعد السيبراني لأمن الطاقة لوجود معظم شبكات الطاقة والإنترنت في أيدي القطاع الخاص..

ولا يمكن المبالغة في أهمية تدابير الأمن السيبراني القوية مع استمرار قطاع الطاقة في التطور، واحتضان التحول الرقمي واتباع نهج شامل واستباقي، حيث نستطيع الاستفادة من الشركات الاستشارية الوطنية المتخصصة في هذا المجال، وبناء ومواءمة خطط استراتيجية واضحة تتوافق مع استراتيجيات الإمارات للطاقة 2050 والذكاء الصناعي 2051، الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني واستراتيجية دبي للأمن الإلكتروني والتعهد الطموح لتوصيات ومخرجات مؤتمر الأطراف (كوب 28) وأجندة دبي الاقتصادية والاجتماعية D33، ووضع خطط طموحة للطاقة المتجددة والمستدامة، وذلك لتحقيق مركز ريادي خلال السنوات المقبلة وفق أفضل الممارسات العالمية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف