جريدة الجرائد

الغش في المحتوى

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

راشد محمد النعيمي

وسائل التواصل الاجتماعي ومحتواها المتنوع باتت تتحكم في اهتمامات الناس وتوجهاتهم، بل وتشكل مزاجهم العام، حتى لو ظنوا أنهم بعيدون عن هذا التأثر وأنهم (يطالعون) فقط ويشغلون وقتهم ويتعرفون الى طريقة تفكير المشاهير وكيف يعيشون، لكن ما يظنونه مجرد اطلاع بات يتطور إلى سلوك، خاصة حيث القصص والمواقف التي تعرض على أنها يوميات هي في الحقيقة إعلانات مدفوعة الأجر.

أمور كثيرة تغيرت في حياتنا وتوجهات وجدت طريقها وسلوكيات بتنا نمارسها ونحن لا نعلم هي حصيلة ذلك التأثر الذي لا نعترف بمفعوله والذي نظن أن أنفسنا بمنأى عنه، لكن في الحقيقة فإن حياتنا تتغير بصورة أسرع من أي وقت مضى، وإن تقبُّل التغيير بات أسهل بدعوى أنه ممارسة عامة لدى الناس وأنه نوع من التطور أو الموضة.

دراسة جديدة كشفت أن مشاهدة ثماني دقائق فقط من محتوى تيك توك، الذي يركز على اتباع نظام غذائي وفقدان الوزن وممارسة الرياضة، كان له تأثير سلبي فوري في رضا الفتيات عن صورة أجسامهن، وهو واحد من المجالات التي تعبث فيها وسائل التواصل وتروج الإعلانات والمنتجات والعمليات الجراحية والتجميلية والخطط العلاجية التي يدعي كثيرون أنهم خبراء وأصحاب تجربة فيها، والحقيقة أنهم مجرد مروجين ومعلنين.

في الحقيقة أننا نعيش اليوم أكثر من أي وقت مضى متاجرة علنية بأمراض الناس وطموحاتهم ورغباتهم، لا تقدم على أنها إعلانات مدفوعة الأجر لمنتجات بعينها بل إن الأمر أخطر من ذلك، لأنها تمرر كيوميات أو تجارب شخصية بعيداً عن الإعلان في إطار سرد قصص ناجحة للتخلص من الأمراض أو الآلام أو الحصول على جسم مثالي، سواء في مجال الوزن أو الشكل، وهي الأكثر خطراً عندما يظن المتابع أن المحتوى تجربة شخصية ولا يعلم أنه إعلان تم تمريره بتلك الصورة.

عدم تقبُّل أشكالنا أو أساليب عيشنا مشكلة خطيرة بدأت تلعب عليها تلك الوسائل وتسعى إلى تمريرها لعقولنا من أجل القبول بعلاجات هي في الحقيقة تجارية تدعو إلى الترويج لمنتجات يظنها الناس خارقة كفقدان الوزن من خلال شرب منتج معين دون ممارسة رياضة أو معرفة السجل المرضي للشخص أو خصوصية حالته.

المطلوب قليل من التفكير قبل اتخاذ القرار واستشارة المختصين والوثوق بهم أكثر من أصحاب المحتوى الذين يزعمون أنهم يقدمون نصائحهم الشخصية وخلاصة تجاربهم، فما ترونه اليوم على شاشات هواتفكم يخفي الكثير من الحقائق، فلا تكونوا فريسة للباحثين عن الثراء.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف