أسوأ مفاجآت بايدن لترامب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
محمد السعيد إدريس
د. محمد السعيد إدريس
منذ المناظرة «الفاشلة» التي خسرها الرئيس الأمريكي، جو بايدن، «بجدارة»، أمام خصمه العنيد الرئيس السابق دونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري، دخل الحزب الديمقراطي في دوامة أشبه ب«المتاهة»، بخصوص الوضع الانتخابي للحزب في الانتخابات الرئاسية، وانتخابات التجديد النصفي للكونغرس. فالعجز الذي أصاب الرئيس بايدن، كما أكدته استطلاعات الرأي العام، أصبح بالتبعية عجزاً يطارد الحزب الديمقراطي، في ظل شيوع حالة من الانقسام حول شخص جو بايدن كمرشح رئاسي باسم الحزب، «ضمن خسارته» مبكراً، وحالة من العجز العام في دوائر الحزب، كأن «شيخوخة بايدن»، و«تشتته الذهني» قد انتقلا إلى الحزب، في وقت ظهر فيه المرشح الجمهوري المنافس دونالد ترامب، وحزبه، في أفضل أحوالهما، بخاصة عقب محاولة الاغتيال الفاشلة للرئيس السابق، وما أظهره من ثبات أمام الاعتداء عليه، ما أدى إلى حدوث شبه إجماع جمهوري على شخص ترامب كمرشح رئاسي باسم الحزب الجمهوري.
في قلب هذه الحالة: عجز، وفتور سياسي، وعدم يقين يجتاح الحزب الديمقراطي، وصعود وثقة في الحزب الجمهوري، تصاعدت مطالب الديمقراطيين للرئيس بايدن بالانسحاب من السباق الانتخابي، وازداد الموقف تعقيداً بسبب «الرفض المطلق» من جانبه لدعوة الانسحاب، لدرجة أنه اضطر إلى استخدام عبارات من نوع «ملتزم بالبقاء في السباق الرئاسي ما لم يصدمني قطار»، و«لا أحد مؤهل أكثر مني لكي يكون رئيساً أو للفوز»، و«إذا خرج الرب القدير وأخبرني أنني قد أفعل ذلك».
كان ذلك قبل أيام من محاولة اغتيال ترامب (الاثنين 15/7/2024)، لكن بعد المشهد الاستعراضي الذي لعبه ترامب، عقب تعرّضه لمحاولة الاغتيال الفاشلة، وصعود شعبيته على مستوى الرأي العام، وليس على المنتسبين للحزب الجمهوري، اضطر بايدن لمراجعة حساباته بعد أن تبين له أن خسارته باتت حتمية، وأن ترامب لن يعود إلى البيت الأبيض متوجاً بنصر تاريخي فقط، لكنه، وبعد اختياره الذكي للسيناتور الجمهوري جيمس ديفيد فانس مرشحاً على بطاقته الانتخابية كنائب للرئيس، سيكون في مقدوره تحويل «الترامبية» (نسبة إلى ترامب) من مجرد صيحة، أو دعوة إلى «تيار سياسي»، حيث إن فانس هو الأكثر موثوقية، ومن قدامى المحاربين في مشاة البحرية، وسياسي أعاد تشكيل نفسه تماماً، باعتباره متحمساً لحركة «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» التي يتبناها ترامب شعاراً لحملته الانتخابية، ومن ثم سيكون في مقدور فانس تأمين فوزه رئيساً للولايات المتحدة في الانتخابات الرئاسية عام 2028.
بايدن لم يراجع حساباته فقط، ولكنه وجه إلى ترامب أسوأ مفاجآته بضربتين في لطمة واحدة. الأولى هي إعلان انسحابه من السباق الانتخابي، و«تسليم شعلة الديمقراطيين إلى جيل جديد»، والثانية هي المباغتة بدعم ترشيحه لنائبته كامالا هاريس كمرشح رئاسي بديل. كان لمفاجأة بايدن وقع الصدمة على الرئيس السابق ترامب، والجمهوريين، لدرجة أن فانس المرشح نائباً لترامب، وصفها بأنها «ضربة مباغتة».
فقد قلبت هذه «المفاجأة» حسابات ترامب، وحملته الانتخابية، ومجمل الجمهوريين، رأساً على عقب، لدرجة أن بعض المراقبين قد علّق على هذه الحالة بأن «ترامب لم يعد لديه شئ يقوله، أو يفعله»، لأنه بنى وهندس حملته الانتخابية والدعائية على «شخص جو بايدن»، وبالتحديد أن بايدن أضحى طاعناً في السن، وعاجزاً عن القيام بمسؤولياته كرئيس للبلاد، خلال السنوات الأربع المقبلة، وظهر السؤال الصعب أمام ترامب: كيف، وماذا سيفعل مع هذه المرشحة «الشابة»، ذات الخبرات السياسية التراكمية التي عملت لسنوات في وظيفة «المدعي العام»، وعضوة في مجلس الشيوخ عن واحدة من أكبر وأهم الولايات الأمريكية، وهي كاليفورنيا؟
هذا السؤال ازداد صعوبة في ظل تطورين هامّين، أولهما سرعة التفاف الديمقراطيين حول كامالا هاريس كمرشح أوحد للحزب، والتصويت العالي لها كمرشحة لمنصب الرئيس باسم الحزب الديمقراطي، الأمر الذي انعكس بسرعة لافتة على ارتفاع وضع هاريس في استطلاعات الرأي العام، لدرجة أنها باتت قريبة جداً من دونالد ترامب. وثانيهما نجاحها في تجميع أعلى مستوى من التبرعات لحملتها الانتخابية في زمن قياسي، ما اعتبر مؤشراً مهما على أنها أضحى في مقدورها التفوق على ترامب، وضمان الفوز. فقد أعلن فريق حملة هاريس جمع 310 ملايين دولار في شهر يوليو/ تموز الفائت، أي أكثر من ضعف المبالغ التي جمعها دونالد ترامب، والتي لم تتجاوز 138.7 مليون دولار فقط.
مفاجأة بايدن أفقدت ترامب توازنه، حيث لم يجد لديه ما يفعله غير تكرار الهجوم الشخصي، واستخدام السب والقذف، في حق هاريس، وأن يكيل لها الاتهامات، ووصفها بأنها «يسارية متطرفة معتوهة ستدمّر بلادنا»، واللجوء إلى النيل من انتمائها العرقي، والاستهزاء به على نحو تساؤله في مؤتمر صحفي «هل هي هندية أم سوداء؟».
دخول كامالا هاريس أتون المعركة الانتخابية سوف يشعل المنافسة، وسيضع ترامب أمام خيارات صعبة، بات الجمهوريون يستشعرونها.