جريدة الجرائد

مادورو أو غونزاليس... مَن هو الرئيس الشرعي؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أسعد عبود

تنزلق فنزويلا إلى أزمة سياسية حادّة واضطرابات على شاكلة تلك التي رافقت أزمة عام 2019، عندما أعلن زعيم المعارضة في البرلمان خوان غويدو نفسه رئيساً، على إثر الجدل الذي تفجّر في عام 2018 عقب انتخابات رئاسية زعم كلا الطرفين، أي الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو والمعارضة، أنه فاز فيها.

في الأسبوع الماضي، أُجريت الانتخابات الرئاسية التي سارع مادورو إلى إعلان نفسه فائزاً فيها بنسبة 51 في المئة، بينما رفضت المعارضة التي تتزعمها ماريا ماتشادو النتائج، وأعلنت أن الفائز هو مرشحها إدموندو غونزاليس وبفارق يصل إلى 7 ملايين صوت. وأعقب ذلك احتجاجات في شوارع كراكاس وأزمة ديبلوماسية مع دول أميركية لاتينية تعاطفت مع المعارضة، واعتبرت أن السلطات الانتخابية الموالية لمادورو زوّرت النتائج. وأعلنت الولايات المتحدة ودول في أميركا اللاتينية اعترافها بغونزاليس رئيساً.

الانتخابات أُجريت في ظلّ عودة الاتصالات بين مادورو وواشنطن بعد قطيعة استمرت منذ 5 أعوام. والدافع الذي حفّز الرئيس الأميركي جو بايدن إلى فتح صفحة جديدة مع كراكاس كانت حاجة أميركا إلى تدفق النفط الفنزويلي إلى الأسواق، بعد الحرب الروسية - الأوكرانية. وكان يهمّ جو بايدن ألّا تنشب أزمة نفطية في العالم، الأمر الذي من شأنه أن يرفع التضخم أكثر في الولايات المتحدة في سنة الانتخابات الرئاسية.

وأضطر بايدن إلى إبرام صفقة لتبادل السجناء، أفرجت فيها كراكاس عن 32 سجيناً أميركياً، في مقابل إطلاق السلطات الأميركية عن أليكس صعب الذي يُعتبر اليد اليمنى لمادورو. بيد أن حاجة أميركا إلى النفط دفعتها إلى حضّ غويانا المجاورة لفنزويلا على استخراج النفط من منطقة متنازع عليها مع كراكاس، ما حمل مادورو على تهديد هذه الدولة الصغيرة بالغزو إذا مضت في استخراج النفط من منطقة إيسيكيبو، ومنحت شركات النفط الأميركية عقود تنقيب في المياه المتنازع عليها، إضافة إلى الحديث عن احتمال تأسيس قاعدة عسكرية في غابات إيسيكيبو.

تجدّد الأزمة الداخلية الفنزويلية يترك آثاره على مزيد من العلاقات المهتزة بين كراكاس بالعالم الغربي. ربما اعتقد مادورو أن الحاجة الأميركية الشديدة للنفط الفنزويلي ستجعل بايدن أكثر تساهلاً معه في موضوع الانتخابات. لكن الواقع المعيشي المزري في البلاد دفع بنحو 7 ملايين شخص إلى الهجرة في السنوات الأخيرة، بينما الفقر يزداد ويتعمق في أوساط الناس. وأزمة الهجرة على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة عائدة إلى حدّ كبير إلى المهاجرين الفنزويليين. والهجرة هي قضية أساسية على أجندة المرشحين للانتخابات الرئاسية. ويعتمد مادورو في مواجهة المعارضة على دعم الجيش الذي يعارض أي تدخّل خارجي لتنحية مادورو.

لكن الأزمة الناشبة حالياً التي تهدّد بعودة فنزويلا إلى العزلة السياسية وتفاقم أزمتها الاقتصادية، قد تدفع الجنرالات إلى التدخّل، بذريعة إعادة الاستقرار إلى البلاد التي تشهد حكماً ديكتاتورياً منذ وصول الجنرال هوغو تشافيز إلى السلطة في عام 1999، ووفاته في عام 2013، وتولّي نائبه مادورو السلطة خلفاً له وفوزه في انتخابات عام 2014.

وتحوّلت فنزويلا إلى محطة مهمّة في أميركا الجنوبية على صعيد الصراع الجيوسياسي بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين وإيران من جهة ثانية. وهذا الأمر أحد الأسباب التي حدت بواشنطن إلى تشديد العقوبات على فنزويلا، للتخلص من نظام يقف مع ألدّ خصومها.

وفي الوقت نفسه، تخشى أميركا نشوب حرب أهلية في فنزويلا، تدفع بموجات جديدة من المهاجرين نحو حدودها الجنوبية. وكذلك شأن الإضطرابات التي من شأنها زيادة التضخم في البلاد، وانقطاع المواد الأساسية والخدمات للمواطنين.

كان الأمل أن تشكّل انتخابات الأسبوع الماضي انطلاقة سياسية جديدة في هذا البلد القابع على احتياطات نفطية هائلة، لكن الطموحات السياسية جعلت منه بؤرة إضطرابات تدفع بأناسه إلى الفقر واليأس والبحث عن وسيلة للهرب من وطن حوّله سياسيوه ببساطة إلى جحيم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف