جريدة الجرائد

بزشكيان... معيار النجاح يكمن في الاقتصاد

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

سميح صعب

يواجه الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان مع بدء ممارسة مهامه رسمياً مروحة كبيرة من التحديات، تبدأ من الاقتصاد والمسائل الاجتماعية ولا تنتهي عند علاقات إيران الإقليمية والعقوبات الغربية وتحديداً الأميركية منها، وما يتصل منها بالبرنامج النووي الإيراني والنفوذ الإقليمي لطهران في منطقة يمكن أن تنزلق إلى مواجهة واسعة على خلفية استمرار حرب غزة وارتفاع التوتر على جبهتي لبنان واليمن. وهناك إجماع في إيران على أن "القضايا الاقتصادية" هي التحدي الأكبر. وهذا ما أشار إليه خامنئي صراحة خلال مراسم تنصيب بزشكيان، الذي يعتبر الرئيس الإصلاحي الأول الذي يتم انتخابه منذ الرئيس محمد خاتمي. والواقعية تقتضي أن التحديات الاقتصادية لن يكون في الامكان معالجتها بطريقة ناجعة في ظل العقوبات الأميركية. والسبيل إلى تخفيف هذه العقوبات مرتبط مباشرة بقبول إيران المطالب الغربية في ما يتعلق بوضع قيود على برنامجها النووي. وإذا كانت العودة إلى اتفاق 2015 صارت متعذرة نظراً إلى أن الكثير من بنود ذاك الاتفاق تنتهي بحلول 2025، فإن ذلك يفرض الحاجة إلى البحث عن اتفاق جديد. وهذا بدوره مرتبط بفوز المرشحة الديموقراطية المحتملة للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس أو المرشح الجمهوري دونالد ترامب. وفي حالة فوز هاريس ربما تكون فرص العودة إلى المفاوضات متاحة أكثر، مما لو عاد ترامب إلى البيت الأبيض، وهو الذي سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018، وتبنى سياسة "الضغوط القصوى" على طهران. ووسط الضبابية التي تكتنف المشهد السياسي الأميركي واحتدام المنافسة بين هاريس وترامب، بدا أن بزشكيان يسعى إلى خيار ثالث وذلك بالانفتاح على أوروبا. وأبدى بزشكيان في رسالة نشرتها صحيفة محلية صادرة بالانكليزية في وقت سابق من تموز (يوليو)، استعداده للدخول في "حوار بنّاء" مع الدول الأوروبية على رغم "تراجعها عن التزاماتها"، لتخفيف تأثير العقوبات الأميركية. أما خامنئي فحضّ بزشكيان على إعطاء الأولوية للعلاقات مع دول الجوار، والدول الأفريقية والآسيوية، وكذلك مع الدول التي "تدعم وتساعد" طهران في سياستها الخارجية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن سلف بزشكيان، الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، كان تبنى "الخيار الشرقي" بتعزيز العلاقات مع روسيا والصين. بيد أن الشركات الصينية بقي العديد منها متردداً في الاستثمار في إيران بسبب العقوبات الأميركية. ونجح رئيسي في تطبيع العلاقات مع السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. ومن المتوقع أن يعزز بزشكيان هذا المنحى. ويسعى الرجل إلى السير على حبل رفيع بين المتشددين والإصلاحيين. وهو ينتقد الولايات المتحدة. ويشدد على "ضرورة أن تعترف واشنطن بالواقع، وأن تفهم، مرةً واحدةً وإلى الأبد، أنّ إيران لا ولن ترضخ للضغوط". ومن الملفات الشائكة التي قد تواجهه، تخفيف القمع في الداخل وإلى مدى يمكنه الذهاب في مسألة تعزيز مكانة المرأة وجعل الحجاب مسألة غير الزامية. وخلال حملته الانتخابية قال بزشكيان كلاماً صريحاً عن معارضته القمع الذي ووجهت به الاحتجاجات التي تلت وفاة مهسا أميني في مركز للشرطة أثر توقيفها لعدم التزامها القواعد الصارمة لارتداء الحجاب في أيلول (سبتمبر) 2022. ويجب ألا ينسى بزشكيان أن مجلس الشورى الإيراني والسلطة القضائية هما في يد المتشددين، الذين لن يتساهلوا إزاء أي اقتراح منه لتخفيف القواعد المفروضة على ارتداء الحجاب، أو تلك المتعلقة بتعيين وزراء إصلاحيين يدعمون الأفكار التي ينادي بها. وتبقى حدود إصلاحات بزشكيان محكومة بقرارات خامنئي الذي هو المرجع في تقرير الأمور المصيرية، داخلياً وخارجياً. وعليه، أمام الرئيس الجديد مهام صعبة جداً. ومفتاح النجاح سيكون حتماً إحداث نقلة في الوضع الاقتصادي للإيرانيين. وهذا ما يعيده إلى الطريقة التي سيتعاطى بها مع الرئيس الأميركي الجديد... كامالا هاريس أم دونالد ترامب؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف