حكاية حـب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أحمد المغلوث
إن الفن التشكيلي علي اختلاف أنواعه وأساليبه ليس عملية إبداعية فحسب، وإنما هو نشاط إنساني يأخذ من وقت المبدع الكثير حتي على حساب أسرته ونفسه ويوما بعد يوم يجد أنه بات أسيراً لإبداعه حتي وهو قد تجاوز مرحلة الشباب ودخل سنوات الخريف يا لطيف يا لطيف، ومع هذا نجده يواصل عمله «إبداعه» بهمة ونشاط لا من أجل نفسه وأسرته ولكن من أجل إنجاز ما يحب ويعشق لوطنه «بيته» الكبير، يريد أن يترك أثراً أو بصمة من أجل أن يذكره الذاكرون بعد رحيله يوما ما.
هكذا هي الحياة، أتينا إليها وسوف نرحل عنها كما رحل غيرنا. فمن أجل هذا البيت الكبير وطن الخير والعطاء والاستقرار يعمل الملايين من مواطنيه والمقيمين فيه، ورغم انشغالي الدائم بعملي الحكومي قبل تقاعدي المبكر وما تفرضه متطلبات أسرتي إلا أنني وأقولها بتواضع حرصت علي تنمية مواهبي وهي كثيرةً، فلم أتوقف عن الرسم أو الكتابة، كما توقف البعض، بل كنت أواصل العمل بعد استراحة قصيرة في إنجاز ما كلفت به من أعمال من قبل الصحيفة التي كنت متعاونا معها سابقا، وهذا بفضل الله الذي وهبني عدة مواهب، والذي ضاعف من استمراري في العمل «الابداع» حتي اليوم الذي أكتب فيه هذه الكلمات كوني أشعر بلذة العمل فيما أرسم أو أكتب، وكم فاجأني أحدهم في أحد المعارض أو المناسبات وهو يقول لي باعتزاز، كنت طفلا برفقة والدتي وأنا أشاهد لوحاتك في مستشفى أرامكو بالمبرز.
وآخر يقول.. تصدق يابو عبدالله في بيتنا أكثر من لوحة من لوحاتك اشتراها أبوي قبل أربعة عقود فأرد عليه باسما: أكيد أنها نسخ. لاني كنت رائدا في طباعة مجموعه مختارة من لوحاتي بعد نجاح معرضي الأول. عام 1402هـ، وهناك من يكتب لي في «الواتساب» لقد تعلمنا تذوق الفنون التشكيلية مبكرا من لوحاتك. إذن أنا لم أخسر الكثير من الوقت في رسم لوحاتي أو عمل منحوتاتي أو كتابة رواياتي أو حتى الكتابة في «اليوم» و«الرياض» وهنا في «الجزيرة» التي نشرت لي مقاله «الفتح القادم إلى النصر» في أول لقاء جمعهما في الرياض وأنا فتي مراهق وعندما خرج العدد قام سعادة. رئيس النادي إبراهيم الصويغ - رحمه الله- بشراء أعداد كبيرة من الجزيرة و وزعها على اللاعبين، ومازالت قصاصة المقالة موجودة في أرشيفي حتى اليوم..
ويسألني البعض عن سبب نجاحي واستمراري في العمل وأنا تجاوزت السبعين بسنوات فأرد عليه سبب ذلك يعود لشيء داخلي هو حب وعشق ما أعمله، وكل الذين نجحوا في أي مجال كان هذا النجاح نتيجة طبيعية وحتمية لحبهم لما يقومون به فعندما يسكنك «الشغف» لأي عمل تقوم به فسوف تجد أنك وفقت فيه، وبارك الله فيه وتقدم عملا مشبعا بالابداع والتميز. وهذا ينسحب علي أي عمل يقوم به الإنسان.حتى ولو كان عملا بسيطا، بل انه السبيل الي النجاح بل وتحقيق الغاية والهدف، وأظهرت الأبحاث والدراسات حول الدوافع التي تقف وراء التميز والنجاح هي تفهم الاسرة لمن يعمل في بيته خاصة «الزوجه» المحبة التي تقف وراء دعم زوجها وتقدر بحب ما يقوم به من فعل وعمل، وهذا مافعلته زوجتي «الجوهرة «وهي اسم على مسمى أم معالي الابن د. عبدالله التي كانت والحق يقال تهيئ لي دائما أجواء العمل إيماناً منها أن ما أقوم به مفيد ويسعدني وربما لايعرف البعض ان العمل والاستمرار فيه يمنح من يقوم به المزيد من الحيوية والساعدة والبهجة، بل وبرفع مستوى الصحة، وهذا ما أشعر به.. ولله الحمد..