جريدة الجرائد

عاشوراء الفاجعة الكبرى

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

موسى بهبهاني

التاريخ غرس الماضي ونظرة مستقبلية وما أروع وما أجمل الاستفادة من ذكرى تجمعنا جميعاً، ذكرى استشهاد الإمام الحسين، عليه السلام، ورد عن النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله وسلم: (حسين مني وأنا من حسين، ريحانة رسول الله- سيد شباب أهل الجنة - إمام قام أو قعد...).

وها نحن في رحاب شهر محرم وتفصلنا ساعات على يوم استشهاده، والذي أجمع عليه جميع المسلمين وغير المسلمين بأنه من أخيار البشرية، فالحسين ليس لدين أو مذهب معين بل هو للعالم أجمع.

ففي شهر محرم والذي هو من الأشهر الحُرم الذي حُرّم فيه القتال، للأسف تبدأ قصة أكبر مذبحة في التاريخ من حصار وتجويع وحرمان من شرب الماء الجاري من النهر المتدفق الذي يشرب منه جميع الكائنات، البشر، النبات، التربة، الطيور، الوحوش، ويحرم من شربه أهل بيت رسول الله!

كما تذكرنا هذه الفاجعة الأليمة بما يحدث اليوم فى غزة، والتاريخ يعيد نفسه.

فعندما غادر الإمام الحسين المدينة متجهاً إلى الكوفة وفي معيته أهل بيته ومجموعة من خيرة الأصحاب وعند الوصول إلى كربلاء تمت محاصرته.

من خطابات الإمام الشهيد:

الحسين في أول يوم عرض عليه والي المدينة أن يبايع وسينجو ولكنه رفض.

خطابه قبل مغادرة مكة المكرمة:

«خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلاوات بين النواويس وكربلاء، فمن كان فينا باذلاً مهجته موطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحاً إن شاء الله».

«وَأَنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًّا وَلَا بَطِرَا وَلَا مُفْسِدَا وَلَا ظَالِمَا وَإِنَّمَا خَرَجَتْ لِطَلَبُ الإصلاح فِي أُمَّةِ جِدِّيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله أُرِيدُ أَْنْ آمِر بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكِرِ، وَأَسِيرُ بِسَيْرَةٍ جِدِّيٍّ وَأَبِي عَلِيٍّ»

كلمات ما أعظمها خاصةً عندما جسدها الإمام الحسين الشهيد في كربلاء قولاً وفعلاً.

وهناك الكثير من المواقف في كربلاء منها عندما خطب الإمام الحسين في أهل بيته وأصحابه وأذن لهم بالتفرّق عنه، وقال: «فإنّي لا أعلمُ أصحاباً أولى ولا خيراً من أصحابي ولا أهل بيت أبرَّ ولا أوصل من أهل بيتي فجزاكُم الله عنّي جميعاً خيراً، ألا وإنّي أظنُ يَومنا من هؤلاءِ الأعداء غداً إلّا وإنّي قد أذنتُ لكم، فانطلقوا جميعاً في حلٍ ليس عليكم حَرجٌ منّي ولا ذمام، هذا الّليلُ قد غشيكم فاتّخذوه جَمَلاً».

وليأخُذ كلُ رجلٍ منكم بيد رجل من أهل بيتي، وتفرّقوا في سَوادِكم ومدائنكم حتّى يُفرجَ الله، فإنَّ القومَ إنما يطلبونني ولو قد أصابوني لَهوا عن طلب غيري».

خطاب الإمام الحسين لجيش الأعداء:

«أَمَّا بَعْدُ، فَانْسُبُونِي فَانْظُرُوا مَنْ أَنَا، ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ وَعَاتِبُوهَا فَانْظُرُوا هَلْ يَصْلُحُ لَكُمْ قَتْلِي وَانْتِهَاكُ حُرْمَتِي».

أَلَسْتُ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ وَابْنَ وَصِيِّهِ وَابْنِ عَمِّهِ وَأَوَّلِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُصَدِّقِ لِرَسُولِ اللَّهِ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ؟ أَوَ لَيْسَ حَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ عَمِّي؟ أَوَ لَيْسَ جَعْفَرٌ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ بِجِنَاحَيْنِ عَمِّي؟ أَوَ لَمْ يَبْلُغْكُمْ‏ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِي وَلِأَخِي هَذَانِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ فَإِنْ صَدَّقْتُمُونِي بِمَا أَقُولُ وَهُوَ الْحَقُّ، وَاللَّهِ مَا تَعَمَّدْتُ كَذِباً مُنْذُ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ، وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي فَإِنَّ فِيكُمْ مَنْ لَوْ سَأَلْتُمُوهُ عَنْ ذَلِكَ أَخْبَرَكُمْ، يُخْبِرُوكُمْ أَنَّهُمْ سَمِعُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله لِي‏ وَلأَخِي، أَمَا فِي هَذَا حَاجِزٌ لَكُمْ‏ عَنْ سَفْكِ دَمِي»؟!

أحداث غريبة وقعت في الـ10 من محرم 61 هـ، أبشع عملية قتل وذبح وتجويع وإبادة جماعية.

السلام على الشيب الخضيب

السلام على الخد التريب

السلام على الجسد السليب

أليس في القرآن ما نقرأ:

«قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»

فاجعة يوم الطف، فاجعة كبرى، ولم يضح إنسانٌ على وجه البشرية بروحه وأهله وعياله وأقاربه وأصدقائه وأحبته، كما ضحى الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء من أجل الإسلام.

إنه يوم الحسين بن علي، الذي لم يخرج أشراً ولا بطراً، بل خرج طالباً الإصلاح في أمة جدّه محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وليؤسس مدرسة عنوانها التضحية من أجل تحقيق العدالة والمساواة، ومنهجها يستند إلى بذل كل غالٍ ورخيص ما دامت الغاية في ذلك رضا الله سبحانه وتعالى.

وآخر ما قال:

(اللهم رضا بقضائك، وتسليما لأمرك، يا غياث المستغيثين).

- الموت مع مرور الوقت ينسي الأحبة والأصدقاء إلا مع الحسين عليه السلام فذِكره باق ويتجدّد على مر السنين.

السَّلام عَلَى الحُسَيْن،

وَعَلَى عَليِّ بْنِ الحُسَيْنِ،

وَعَلَى أوْلادِ الحُسَيْنِ،

وَعَلَى أصْحابِ الحُسَين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف