في اليمن.. مَن يتفق مع مَن؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لطفي النعمان
أعلن مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ الثلاثاء، أنه تبلّغ "من الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله، أنهما اتفقا على تدابير عدة لخفض التصعيد في ما يخصّ القطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية". بيد أن الجماعة في صنعاء تعلن - تضليلًا لجمهورها - عن إبرام اتفاق بين اليمن (يمنهم هم!) وبين المملكة العربية السعودية.
إن الحديث عن اتفاق مبرم بين الرياض وممثلي جماعة "أنصار الله – الحوثي" من "الإخباريات" السارية مع المقولة الأخرى: "وقف حرب اليمن يتمّ بقرار من الإدارة الأميركية" (...)، متناسين أن علاج "اليمننة"، أي الأزمة اليمنية، كمسبباتها يمني، وبفعل "إرادة" يمنية وليس "إدارة" غير يمنية مهما بلغ تأثيرها.
رجوعًا إلى شيوع نبأ "اتفاق سعودي - حوثي" تلوكه ألسن ناطق الجماعة ونشطائها ووسائلها في الداخل والخارج، ويتكرّر في أوساطهم باعتباره "دعاية سوداء"،
لا ريب في أن انتهاز "الجماعة اليمنية" إخفاقات الفترة الانتقالية جعلها تقفز بعيداً من واقعها وحجمها الطبيعي، وتُنْعِم على ذاتها "ألقاب مملكةٍ في غير موضعها"، فانتفخت محلقةً بأوهام بلوغ حلم الندية للدول الشقيقة والصديقة، تُشيّع اختزال اليمن واختصاره فيها، وتبث عبر إعلام "المحور الحاضن" لها دعايات يبطُل مفعولها حتماً بإبراز الحقائق رويداً رويداً.
حقيقيٌ أنّ لا إعلان مشتركاً عن توقيع اتفاق بين "طرف" يمني وبين دولة شقيقة. الصادر فقط "إعلان" مكتب المبعوث الأممي غروندبرغ في 23 تموز (يوليو) 2024 عن اتفاق يمني - يمني حول قضايا اقتصادية، بعد إعلان سابق في 23 كانون الأول (ديسمبر) 2023 عن "الجهود المبذولة للتوصل لخريطة طريق ترعاها الأمم المتحدة" بفضل "دور سعودي وعماني فاعل متمثل في دعم الطرفين للوصول إلى نقطة الالتزام بمجموعة تدابير، لإتاحة بيئة مؤاتية للحوار وتسهيل نجاح إتمام اتفاق بشأن الخارطة".
من أجل ذلك، ومن قبل ذلك، تشكّل "فريق تواصل سعودي" يلتقي اليمنيين كافة؛ وعلى عكس ما يسري، فإن طرفَ الشرعية لم يكن آخر من يدري بما يجري، بحسب الرئيس د. رشاد العليمي في مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي، وحديثه من بروكسل لصحيفة "الشرق الأوسط" في شباط (فبراير) 2023 عن التشجيع اليمني لجهود الرياض، وعمّا تلقّاه "من الأشقاء في المملكة، أنه لن يكون هناك اتفاق سعودي - حوثي"، و"إذا كان هناك اتفاق فسيكون بين الحكومة اليمنية والانقلابيين". وكذا، إن أسفرت المحادثات عن خريطة طريق، فهذا سيكون بين الحكومة والحوثيين.
أليس هذا المنتهى الطبيعي لوضعٍ غير طبيعي؟
سعياً إلى المنتهى الطبيعي اليمني، وتشجيعاً لتقارب الطرفَيْن اليمنيَّين: الحكومة والحوثيين، استقبل وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان "وفد صنعاء (الصعدي)" في الرياض في 19 أيلول (سبتمبر) 2023، اتساقاً مع سالف وساطته بين الطرفَيْن اليمنيين: الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي اللذين لم يلتقيا مباشرةً قبل توقيعهما "اتفاق الرياض" في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، بحضور سعودي وإماراتي رفيع.
استمرار حالة "رفض الطرفين الجلوس معاً"، وفق تصريح نشرته وكالة الصحافة الفرنسية في 11 أيار (مايو) 2023 لسفير المملكة في اليمن محمد آل جابر، رئيس فريق التواصل السعودي شريك الفريق العُماني، والتقاءُ الفريقين مع "وفد صنعاء (الصعدي)" غرّت الأخير حتى تمادى يتوهم ويروّج لـ"الاتفاق مع السعودية (...)" كما يقول، ضالاً عن بديهيات: إن أي اتفاق يبرمه طرفان متماثلان... وإن أي دولة لا تجعل ميليشيا لدولة أخرى طرفاً وندّاً مقابلاً لها؛ بالتالي أي التزامٍ سيصدر تجاه طرفٍ غير ملتزمٍ البتة؟!
إنما يُنْتَظَر اتفاقُ اليمنيين، لأن "السلام ختام".