من أعلن عن الفوضى الخلاقة يتحمل مسؤوليتها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حسن اليمني
لم يكن أحد يتوقع أن تستمر حرب غزة كل هذه المدة وبهذه الخسائر في كلا الطرفين، لكن ما حدث وما زال يجعل خيار الكيان المحتل بالهجوم على لبنان بذات الحجة في غزة أي تدمير حزب الله بمثل ما قيل عن تدمير حماس يجعل المنطقة برمتها على فوهة بركان، بين حرب إبادة أو استسلام طرف من الأطراف وهو أمر لا يبدو مطروحا من الأصل.
توقع الكيان المحتل أنه بدخوله إلى رفح قد وضع الخنجر في الصدر الفلسطيني وأن الأيام المتبقية فقط لفض الأنفاس الأخيرة لمقاومة غزة ليعلن انتقاله إلى حرب مماثلة على لبنان متوعدا بتدمير شامل كما حدث في غزة، خرجت إيران لتعلن من على منبر الأمم المتحدة أن إيران لن تسمح للكيان بتكرار ما حدث في غزة، ليخرج بعدها مسؤول في الكيان بتصريح لجريدة معاريف الإسرائيلية يعلن أن الكيان ماضٍ في طريقه نحو حرب لبنان وأن تدخل إيران سيواجه بتدمير شامل أو حرب إبادة بالاتفاق مع كل من أمريكا وبريطانيا وألمانيا بما كشف أن استخدام الكيان للسلاح النووي مربوط بموافقة كل من المخابرات البريطانية والأمريكية والألمانية وبمعنى أوضح أن استخدام السلاح النووي ليس بيد الكيان المحتل وحده.
ذكرت في مقال سابق أن الحرب العالمية الثالثة قد بدأت منذ دخول روسيا إلى أوكرانيا لذلك كان السابع من أكتوبر نقلة في هذا الاتجاه بشكل لم يتوقعه حتى ربما المقاومة الفلسطينية، لكن ما تبين بعد ذلك أثبت أن القوة المناوئة للكيان المحتل قد أصبحت في أقل الأحوال موازية للقوة في الكيان المحتل برفقة الحلف الصهيوني، فإن أضفنا روسيا والصين فإننا نتحدث عن انهيار محتمل للكيان وحلفائه في الغرب، والآن طالما أن روسيا والصين دخلتا على الخط فعليا، روسيا عبر نية دعم المقاومة بالسلاح والصين عبر رغبتها في توحيد الفصائل الفلسطينية لترتيب أوضاع الحرب ضد الكيان فإننا نصبح امام أمر حتمي.
الكيان المحتل الذي أعلن عن نقل بعض ألويته العسكرية إلى شمال فلسطين وترك الاحتياط في غزة فضحته الشجاعية حين سقط 40 عسكريا صهيونيا معظمهم من لواء جولاني (مظلي مشاة) والفرقة 98 وهم النخبة في الجيش الصهيوني وبما أظهر احتمالية أن نية الكيان المحتل تجاه لبنان ليست جدية أو أن الكيان في مأزق فعلي حين تصاعدت خسائره في الشجاعية ورفح بعد أن أظهر قدرته في الانتقال بالحرب إلى الجبهة الشمالية في مواجهة حزب الله.
لا أحد يستطيع تأكيد إلى اين تتجه الأمور، فالمواجهة هذه المرة قد تكون نهائية وبمعنى تغير كامل في المشهد على المستوى العالمي كله، وبذات الوقت لا أحد يتوقع أن تنكمش إسرائيل إلى داخلها وتقبل بظهور دولة فلسطينية خصوصا وأن قرارات مجلس الحرب في الكيان أعلنت قبل أيام عقوبات على السلطة الفلسطينية وجرد كثير من رموزها من بطاقات الامتياز وإخراج بعض المناطق الإدارية للسلطة بإدخالها ضمن الإدارة الإسرائيلية مع تشريع وجود خمس مستوطنات في الضفة وإعلان بناء مزيد منها أي المستوطنات في مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، إذن نحن أمام خطين متضادين يتجهان في الاحتمال نحو تغير كامل في المشهد، أما الرهان على الحلول السياسية فقد أصبح ترفا لا يتناسب ومجريات الأمور اليوم.
أراد الكيان باحتلال رفح أن يضع مصر بواسطة وقف تصدير الغاز في وضع قبول احتلال غزة فتكون المعابر بين مصر وإسرائيل غير أن مصر اتجهت فورا وبدعم عربي لتوريد الغاز من قبل شركات غربية لا علاقة للكيان بها، وكل ذلك كان حسب الرؤية الإسرائيلية لخلق حل سياسي يقوم على أن الحكم الذاتي المذكور في معاهدة كامب ديفيد هو الأمثل وليس قيام دولة فلسطينية والتي ترفضه بشدة، هذا يؤكد على غايات الكيان المحتل كنتيجة لهذه الحرب، لهذا اتجه إلى لبنان وحزب الله أو هكذا أعلن لكن في المقابل تواجهه قوة تتشكل من حزب الله وفصائل عراقية وسورية ويمنية خلفهم إيران ومن خلفها روسيا والصين ما رفع سقف التهديد في الجانبين إلى حرب إبادة شاملة وتلميح باستخدام السلاح النووي وما بعده.
إن أمن وسلامة واستقرار المنطقة مرهون اليوم بشكل قوي لا يحتمل التردد بيد الولايات المتحدة الأمريكية من خلال موقف أخلاقي يعيد للعالم هيبتها – وإن شئت عدالتها – من خلال تفعيل القرارين 242 و181 القاضيين بتقسيم فلسطين لدولتين فلسطينية وإسرائيلية وتحويل هذين القرارين لمجلس الأمن تحت البند السابع عدا ذلك فلا مفر من حرب عالمية ثالثة تتحرر فيها المنطقة من الكيان المحتل وهيمنة الغرب الصهيوني بمنطق معطيات الوجود الذي اختلف بشكل تام عنه قبل مائة عام حين كان العالم كله بيد الولايات المتحدة الأمريكية ولا دعم ولا سند للعرب في ذلك الوقت، أما اليوم فقد اختلف تماما، وما يجري اليوم في المنطقة وما يظهر من تهديد بدمار شامل وسعي قوي نحو تغيير النظام العالمي القائم بقوى عظمى موازية وأكثر جذبا لدول المنطقة من حيث الرؤية مع استمرار الغرب الصهيوني في مولاة الكيان ودعمه وحمايته يجعل التغير مسألة وقت، اما البحث عن حلول سياسية للإفراج عن الاسرى الصهاينة لتمهيد الطريق لنحر سكان غزة فهو أقرب للنكتة والعبث ودليل ضعف للولايات المتحدة الأمريكية وخلوها من زعيم تاريخي قادر على استخدام القوة الأمريكية الجبارة لضبط موازين ورتم أحداث العالم.