فوضى ترامب وانضباط هاريس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مفتاح شعيب
كان الاعتقاد أن المقابلة الودية التي أجراها المرشح الجمهوري الأمريكي، دونالد ترامب، مع داعمه الملياردير أيلون ماسك، أن تحدث زلزالاً في مسار الانتخابات الرئاسية، لكن حصادها يبدو هزيلاً، وقد يرتدّ عكسياً على الرئيس السابق، الذي بالغ مع مضيفه، في الوعيد للمهاجرين غير الشرعيين، والهجوم على الخصوم الديمقراطيين الذين حزموا أمرهم على البقاء في البيت الأبيض ولاية أخرى، مع نائبة الرئيس كامالا هاريس.ورغم أن السباق الانتخابي ما زال في أوّله، إلا أن ترامب واجه في الأسابيع الأخيرة سلسلة من النكسات عبّر عنها تذبذب شعبيته، صعوداً ونزولاً، أمام هاريس، التي تبدو أكثر تماسكاً، وانضباطاً منه.وزرعت الدردشة، التي أجراها مع ماسك، بذور خيبة مؤكدة، إذ لقيت من الانتقادات أكثر من الإشادة، وأثارت مضامينها استياء كبيراً في صفوف بعض الجمهوريين، فضلاً عن الديمقراطيين الذين لا يرون في ترامب إلا مجرد تاجر يقامر بالسياسة، كما يقامر بالصفقات، كما أثارت ذعراً بين المهاجرين، النظاميين وغير النظاميين، عندما تعهد بتنظيم أكبر عملية ترحيل في التاريخ الأمريكي، بعد يومين من تهديد مرشحه لنائب الرئيس جي دي فانس، بطرد مليون شخص كدفعة أولى.أما من حيث الشكل فلم تنج تلك المقابلة من الاضطراب، فقد واجهت مشاكل فنية خطرة أخّرتها 42 دقيقة، وقد استثار هذا التأخير الناطق باسم حملة هاريس، وقال ساخراً إن «الرجال الأغنياء المهووسين بأنفسهم.. لا يمكنهم تشغيل بث مباشر في عام 2024». وفي السياق الانتخابي، فإن لهذه السخرية مدلولها، وتشير إلى حالة من الفوضى تسود المعسكر الجمهوري، وربما تقوده في وقت لاحق إلى التصدع، إذا لم يضبط المرشح الجمهوري استخفافه بالخصوم حيناً، وتهوره في أحيان أخرى، مثلما وقع بداية هذا الشهر، عندما افتعل ترامب معركة مع حاكم جورجيا الجمهوري، برايان كيمب، الذي يتمتع بشعبية كبيرة، والذي وصفه بـ«برايان الصغير»، واتهمه بتحويل جورجيا إلى «أضحوكة»، فالزعيم الذي يطمح إلى الفوز لا يصطنع العداوات في قلب المعركة وينفّر منه من قد يساعده على تحقيق النصر، لكن ترامب يفعلها غير عابئ بالتداعيات، وغير مدرك أنه بمثل هذه المواقف قد يقلب عليه المشهد، ويجعل من عودته إلى البيت الأبيض، التي كانت شبه مؤكدة عندما كان بايدن مرشحاً، أصبحت الآن في دائرة الشك الكبير، مع تنحي الرئيس الحالي، واصطفاء هاريس لقيادة الديمقراطيين.وبينما ينقسم الأمريكيون، بالتساوي تقريباً، في ما يتعلق بقدرة ترامب وهاريس على الفوز في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني، تهدد نذر الفوضى وسوء التقدير معسكر ترامب، الذي يواجه حملة ديمقراطية تكتسب زخماً هائلاً، وتسعى إلى تعزيز حضورها في الأوساط الحاسمة للأصوات الكافية للفوز، خصوصاً في الولايات المتأرجحة، مثل أريزونا، وميشيغان، وجورجيا، وبنسلفانيا، ونيفادا، وويسكونسن. ففي هذه الولايات يحقق الديمقراطيون تقدماً ملحوظاً، وفق استطلاعات الرأي المتحركة من يوم إلى آخر. ولا يعني هذا أن هاريس اقتربت من البيت الأبيض، وترامب ابتعد عنه، وإنما هذه مؤشرات لها ما بعدها، إذا استمر المرشح الجموري في إثارة الفوضى داخل حملته، ومع حلفائه، بينما تراهن المرشحة الديمقراطية على أن تكون أكثر انضباطاً ومسؤولية وتنجح في استقطاب المترديين، والمتأرجحين.