جريدة الجرائد

رؤية 2030.. هل مكّنت المرأة من مناصب قيادية؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سامي الدجوي

في خضم التحولات الاجتماعية المُذهلة التي تشهدها المملكة العربية السعودية، تُظهر الإحصاءات تقدمًا ملحوظًا نحو تحقيق رؤية المملكة 2030، فقد ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل بشكل ملحوظ من 17% في عام 2017 إلى 35.3% في عام 2023 (وفقًا لتقرير الهيئة العامة للإحصاء السعودية)، فكيف تمكّنت المنظمات من تحقيق هذا التطور الكبير؟

لقد شهدت العديد من المنظمات نجاحًا ملحوظًا في توظيف النساء من خلال تطبيق مفهوم «تمكين المرأة»، بعد أن فتحت أبوابها لمجالات وظيفية جديدة في قطاعات كانت تُعتبر حكرًا على الرجال، مثل: القطاع الصناعي، والقطاع التكنولوجي، والقطاع الرياضي، والقطاع العسكري. ومن وسائل جذب المرأة الطموحة للتوظيف وتحفيزها للإنتاج هو منحها مناصب قيادية. لكنّ بعض المنظمات سلكت طريقًا غير مثالي في تطبيق مفهوم تمكين المرأة. فقد تم تعيين نساء في مناصب قيادية دون إعدادهن لهذا المنصب بشكل كافٍ، ودون منحهن فرصة للصعود في السلم الوظيفي أو التدرج في تَحَمّل المسؤولية، مما أدى إلى إلقاء مسؤوليات ثقيلة على أكتافهن دون الاستعداد المناسب. فالمناصب القيادية تُحْتَاج إلى قادة ذوي خبرة وممارسة لتحقيق أهداف المنظمة بنجاح. فهم بحاجة إلى قدرة على بناء إستراتيجيات صحيحة، واتخاذ قرارات صائبة، والتنبؤ بتحديات المستقبل. الأمر الآخر، أنه تم تعيينهن في مناصب إدارية عليا دون التأكد من امتلاكهن العلم المناسب في مجالات العلوم الإدارية والتدريب الكافي على قيادة فُرَق العمل. فمُهمة القيادة تُطلب علمًا ومعرفة للتعامل مع التغيرات التي تحدث في البيئة الداخلية والخارجية للمنظمة، والتدريب على توجيه الفِرَق بشكل فعّال وبناء علاقات قوية مع الآخرين. من أمثلة النجاح في تطبيق مفهوم تمكين المرأة بشكل فعّال البنك المركزي السعودي (ساما) الذي اختار القائدات من الموظفات ذوات الكفاءة والتي نجحت في تحمّلها للمسؤولية وقدّم لها برامج لاكتساب العلم في الإدارة وتطوير المعرفة في القيادية لتولي مناصب عليا (وفقًا لتقرير ساما السنوي رقم 56 لعام 2020). لكن ما الذي يحدث عندما لا يُتوفر للقيادة الخبرة والممارسة الكافية والعلم المعرفة المناسبة لتولي المنصب؟

بشكل عام، إن غياب الخبرة والكفاءة لدى القادة، سواء رجالًا أو نساءً، قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المنظمة وموظفيها، وتشمل: 1. ضبابية الرؤية الإستراتيجية للمنظمة وأهدافها المستقبلية، مما يؤدي إلى عدم تحديد توجهات المنظمة. 2. قرارات غير صائبة، مما يؤدي إلى إهدار الوقت والجهد والمال. 3. تباطؤ تحقيق أهداف المنظمة وتنفيذ مشاريعها، مما يُعيق نمو وتطور المنظمة. 4. تراجع أداء الموظفين، بسبب صعوبة توجيههم وتحفيزهم، مما يؤدي إلى انخفاض روحهم المعنوية. 5. فقدان ثقة الموظفين في قائدهم، مما يُضعف التعاون معه، ويؤثر سلبًا على ثقة القائد بِنفسه. وكلّ هذه العوامل تُعرّض القيادة والمنظمة للخطر، وتُؤثّر سلبًا على إنتاجية المنظمة وَنجاحها بشكل عام أداء المنظمة بشكل خاص، وهذا ما يُسلّط الضوء عليه عنوان المقال.

ملخصًا لما سبق، يُركز المقال على جانب مهم من جوانب علم الإدارة، وهو تمكين المرأة في سياق رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى زيادة عدد النساء الموظفات. ولتحقيق هذا الهدف بكفاءة، ينبغي على المنظمات تطبيق مفهوم «تمكين المرأة» بشكل صحيح، عن طريق فتح مجالات وظيفية جديدة لهن وتحفيزهن للوصول إلى مناصب قيادية، إلا أن بعض المنظمات تقع في خلل إداري كبير عند تعيينهن في مناصب إدارية عليا دون أن تدرج وظيفيًا ودون أن تتحمّل المسؤولية، أو غياب التعليم المناسب في مجال الإدارة أو تدريب كافٍ على القيادة. كل ذلك يؤدي إلى تأثير سلبي على المنظمة وقد يُعرّضها للخطر، فيؤدي إلى قصور في تحديد رؤية صحيحة للمنظمة، وخلل في اتخاذ قرارات صائبة، وتباطؤ في تحقيق أهداف المنظمة ونموها، وتراجع في الأداء الوظيفي، وفقدان في الثقة للقائد. أخيرًا، إن تحقيق رؤية المملكة 2030 مُهم، لكن من الأهم تطبيقها بِكفاءة دون إهدار لِلموارد، وَبِفاعلية دون الانحراف عن الهدف المحدد، حتى تُثمر بنتائج إيجابية للمنظمة وَالوطن.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف