دور الإعلام اليوم لا غداً
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ما هو دور الإعلام العربي في هذه الحقبة المفصلية؟ أنت محقّ إذا لاح لك السؤال ساذجاً، أو رأيتَه ضحكاً من الذقون. كأنك تقول: إذا كان العرب غير قادرين على تحقيق أدنى مستوى من العمل المشترك، فكيف ترجو من ماء الإعلام جذوة نار؟ قلها على طريقة: «إيمان الأخرس في صدره»، فالإعلام العربي نشأ منذ عشرات السنين على أن يكون بتعبير حافظ الشيرازي: «أقول ما يقول أستاذ الأزل». نصائح القلم ذرتها الرياح، فقد ذكر في هذا العمود مراراً ألا تسلّط وسائط الإعلام الكشافات على قائد المركبة، حتى يستطيع رؤية المزالق والأخطار المحتملة، فوظيفتها وأمانتها أن توجّه الأضواء إلى المنزلقات والمنحدرات حتى تتمكن قيادة المركبة من معرفة السبل والمسالك الآمنة. معاذ الله أن يكون المقصود المبطن: تأملوا الأنظمة التي كانت صروحاً من خيال فهوت. السبب واضح فوسائط إعلامها كانت تشدو لمن بيده المقود: نم قرير العين إنّا ساهرون. مجرد ذكر الأسماء يجعل الأبدان تقشعر والنفوس تكفهر. نهاياتٌ أهون منها أشنع التراجيديات اليونانية. ظلوا عشرات السنين ووسائط الإعلام حولهم أشدّ دويّاً من أصدح النحاسيات. أين العتو والعلو؟ فما أجداهم ملاذٌ في الحفر والأنابيب، «فنقّبوا في البلاد هل من محيص»؟ للأسف، انفصمت العرى بين الثقافة والإعلام في بلاد العرب، يوم توهّم الطرفان أنهما منفصلان، في حين أن مفكّري الغرب وفلاسفته يحسنون الرقص على الحبلين، فعند الشدائد يلتقي الجمعان في جمع واحد، نحو قضية واحدة. أمّا العالم العربي فدنيا أخرى، لكن لا ينصرفنّ ذهنك إلى إشارة اطردها من دماغك فحاشا أن تكون الصورة نزارية قبانية: «خبز ولست أدري ماذا وقمر». كأنه يشير إلى دخان كان في قلعة ألموت، يسميه الشاعر الرجيم شارل بودلير: «الفراديس الاصطناعية». خلاصة القول إن على الإعلام العربي ألا يتخلى عن مسؤولياته وأماناته إزاء الذين يقودون المركبات العربية في سبيل الخروج الآمن من الدروب الوعرة، التي انحدرت إليها الأمّة. لا حرج على المشرفين على وسائط الإعلام إذا هم رجعوا إلى فضيلة العقل وإدراك أن الإعلام فكر تنويري وجهاز مناعة، أو لا يكون. المحسّنات البديعية لا ترفع الإعلام العربي ملليمتراً في المراتب العالمية. لزوم ما يلزم: النتيجة الأملية: الآن أفضل فرصة للتغيير، فالإعلام الغربي اليوم 90% منه في الحضيض.