كالنقش على الحجر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يجهل البعض أن هناك فنوناً وطرقاً في الكيفية التي يتعامل بها الآباء مع أبنائهم، وأخص الآباء بالذكر لأن الابن في مرحلة من مراحل العمر تكون مسؤوليته ملقاة على عاتق الأب، فهناك هموم وتطلعات في ذهن الابن المراهق سيكون الأب هو الأقدر على توجيه ابنه نحو الطريق الأصح والأفضل. في مرحلة من عمر أطفالنا خاصة إذا وصلوا لسن المراهقة تقل سلطة الأم ومراقبتها.
والسبب ببساطة أن هذا الابن بات يخرج مع زملائه وأصدقائه، وبدأ يحضر مناسبات ومهرجانات ويمارس رياضات. ستجد الأم نفسها عاجلاً أو آجلاً عاجزة عن مطاردة وتتبع خطوات الابن.
فضلاً عن أن نهج المتابعة والمراقبة لم يعد يجدي وأثبت أنه وسيلة فاشلة في تقويم سلوك الابن. يتلقى الأطفال أساليب تربوية جيدة من الأهل، فتكون العلاقة صحية بين الطرفين ولا تعرضهم للخطر في المستقبل، وأما سلوكيات الوالدين الخاطئة والسلبية فقد تؤثر على الأبناء في المستقبل وتضعف شخصياتهم وتجعلهم أكثر عرضة للاكتئاب والقلق والعدوانية.
تربية الأطفال ليس بالأمر السهل، فإما أن تكون صحيحة وسليمة، وإما أن تكون فاشلة تنتج عنها سلبيات بسبب عدم قدرة الوالدين على تأدية واجبهما على أكمل وجه، يحتاج الطفل إلى تعلم كيفية الاستماع إليه وترك المساحة له للتعبير عن حاجاته ورغباته، والانتباه للكلمات التي يقولها أو يتفوه بها.
تقول الكاتبة جين نيلسن عالمة النفس والمتخصصة في دراسة سلوك المراهقين: «الطفل ليس سيئ السلوك هو طفل ينقصه التشجيع»، فالطفل يحتاج لمن يراعي شعوره ويساعده على تقدير أفكاره وشكره على مجهوداته، وبالأخص في اجتماعات الأسرة حول طاولة الطعام أو أثناء مشاهدة البرامج اليومية، إن التواصل مع الطفل ومناقشته بما مر به خلال اليوم يشعره بالأمن والأمان.
والتربية الإيجابية ينتج عنها طفل سليم يملك مهارات الحياة والمهارات الاجتماعية، ويتميز بالاحترام وحل المشكلات والاستقلالية والتعاون ومراعاة شعور الآخرين، وهي مهارات مهمة تمنح مناخاً جيداً يشعر فيه الطفل بأهميته كفرد فاعل مؤثر ومشارك فيما حوله.
وقد أشارت الكثير من الدراسات الحديثة إلى أن تعرض الطفل إلى الصدمة النفسية في مستهل حياته قد يعيق نموه وتطوره الجسدي والنفسي، وحذر باحثون في علوم الأسرة والاجتماع الآباء والأمهات من تفويت الكثير من الأوقات الثمينة التي يمكن قضاؤها مع الأبناء بسبب طغيان التقنيات الحديثة التي بدأت تقوض العلاقات الأسرية وتقلص من دورها في عملية التربية للطفل، ووفقاً للأبحاث التي أجريت في هذا المجال.
فإن الذكريات التي يخزنها الطفل في ذهنه، والتي تجمعه بوالديه وأشقائه في مرحلة الطفولة المبكرة، تولد لديه القدرة على تنظيم عواطفه وطريقة تفكيره وغرس تلك الذكريات في الأبناء عن طريق التواصل اليومي مع العائلة له أهمية في تشكيل الروابط العاطفية والأسرية، حيث إن الأطفال الذين يمضون أوقاتاً طويلة مع آبائهم تزداد قدرات تحصيلهم التعليمية وتكون لديهم روابط وعلاقات ناجحة مع الآخرين. لذلك لا بد من الاهتمام بالصحة النفسية للطفل لما لها من تأثير إيجابي وتسهم بتطور نموه الاجتماعي والنفسي بالنصح والإرشاد للخروج من موقف أو حدث مر بنا.
كما يجب على الأهالي أن يكونوا دائماً على استعداد تام للاستماع والانصات وإظهار الاهتمام لما يقوله الطفل ومراقبة تعبيراته الجسدية واللغوية وضرورة تعزيز الوعي الجسدي لديه، حيث غالباً ما يربط الأطفال بين مشاعرهم وأجسادهم وبذلك يمكن للأهل أن يكونوا قريبين من أطفالهم وتوفير طقوس وأماكن آمنة يمكن للطفل التعبير فيه عن نفسه واستكشاف مشاعره. قديماً قيل: «إن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر»، لنزرع القيم الجميلة في أطفالنا منذ سنواتهم الأولى.