جريدة الجرائد

أزمة مياه مقبلــة فــي العـالـم

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تشير الدراسات إلى أن المياه ستكون القنبلة الموقوتة التي ستفجر صراعات في مناطق عدة من العالم، لأن الماء هو أساس الحياة والنمو للأحياء في الأرض جميعاً، فمنه تنشأ الحياة بكل أشكالها ودرجاتها، سواء أنبت الزرع مباشرة حين يختلط بالأرض، أو كوّن الأنهار والبحيرات العذبة. وقصة الماء في الأرض وتوقف الحياة عليه في كل صورها وأشكالها، هي أحد الأسرار الغامضة التي ترتبط بظهور الحياة نفسها على هذه الأرض. ومن هنا تكمن أهمية الحفاظ على المياه العذبة خاصة بعد أن تفاقمت الأزمات المتعلقة بها في العالم سواء أكان ذلك بسبب التلوث البيئي من جهة وزحف العمران على الطبيعة وظهور المدن الضخمة، أو بسبب الاحترار المناخي من جهة أخرى. وكل ذلك أدى إلى ندرة المياه لاسيما العذبة منها في مختلف مناطق العالم. وما زاد من سوء البلاء هو ارتباك السياسة الدولية حيث بات العالم على مشارف حرب كبرى بعد أن انفتحت أبواب العداء بين روسيا والصين من جهة، ودول الغرب من جهة أخرى. وهذه العداوة إن لم تؤد إلى وقوع حرب بصورة مباشرة، يحسم أحد الطرفين النصر فيها، وتكون له الغلبة كما حدث في نهاية الحرب العالمية الثانية التي أسفرت عن الثنائية القطبية، الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة، فإنها ستقسم العالم لسنوات طويلة مقبلة، ما سيسهم في تعقيد العمل الدولي، وربما انكفائه بشكل كامل، وهذا بالطبع ستكون له تبعات كارثية على إدارة أدوات الصراع، خاصة الموارد العالمية، لا سيما المياه العذبة، التي تعدّ حاجة ضرورية لحياة الإنسان والنبات والحيوان. وفي الحقيقة هناك ما يكفي من الماء للجميع، فمعظم دول العالم تقع على خط الاستواء وفي المناطق المدارية أو على حواف القطب الشمالي التي تكثر فيها الأمطار والثلوج، أو على ضفاف الأنهار الكبرى العابرة للحدود. كما أن الدول الواقعة في منطقة الصحراء الكبرى هي أيضاً غير فقيرة بالمياه؛ فقد كشفت دراسة أعدّها مركز المسح الجيولوجي البريطاني وكلية لندن، أنه «توجد أكبر كميات المياه الجوفية في طبقات رسوبية في شمال قارة إفريقيا في ليبيا والجزائر ومصر والسودان. وقدروا أن مخزونات المياه الجوفية في أنحاء القارة تعادل 100 ضعف ما على سطحها من مياه. يقول الباحثون إن بعـــــض أكبـــــر تلك المخــزونات موجود في أشد المــــناطق جفـــافاً داخل وحول منطقة الصحراء الكبرى على عمق يتراوح بين 100 و250 مــتراً تحت سطح الأرض. لكن استخراج تلك المياه الجــــوفية ومدها بأنابيب أو ممرات من أماكنها في الصحراء إلى المدن يتطلب إمكانيات مالية كبيرة، ولا تزال قصة «النهر العظيم» في ليبــــــــــيا مـــثالاً للتكـــــــاليف الكبيرة لمثل تلك المشاريع العمــــلاقة. لكن ما يهدد ذلك ليس الكلفة المادية الباهظة فقط، بل التوسع العمراني غير المدروس في مختلف دول العالم، وما يترافق معه من بــــنى تحتية كبيرة، فقد أدى ذلك إلى تخريب المياه الجوفية والقضاء على مصادر المياه المتــــمثلة بالأنهار أو البحيرات والينابيع التي بات يغلب عليهــــــــا التلوث العضوي الناجم عن مخلفات الإنسان، أو التلوث الكيماوي الناتج عن مخلفات المصانع والورش الصناعية والمركبات، ويلعب ســـوء الإدارة والفساد وعدم كفاية المؤسسات المناســبة والـــــــــركود البيروقراطي ونــقص الاســــتثمار في كل من القـــدرات البـــــــشرية والبنـــــية التحتية المادية، أدواراً كبيرة في نقص مــــــوارد المياه العذبة حتى أصبح البشر في غالبية الدول مضطرين إلى شراء المياه المعبأة رغم كثرة المياه من حولهم. لقد دفع هذا الواقع المزري المؤسسات الدولية المعنية إلى دقّ جرس الإنذار، والتحذير من خطر نقص المياه على الحياة على الأرض. فقد قال مؤتمر الأمم المتحدة للمياه ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في تقرير مشترك صدر في نيويورك العام الماضي، إنّ نحو ملياري شخص يفتقرون إلى مياه شرب مأمونة في حين يفتقر 3.6 مليار شخص إلى خدمات صرف صحي موثوق بها. ومن منطلق حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على أن تكون المياه متاحة للجميع، جاءت مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في شهر فبراير من هذه السنة، بتشكيل «مبادرة محمد بن زايد للمياه». وخلال الاجتماع الذي انعقد الأسبوع الماضي برئاسة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، رئيس مجلس مبادرة محمد بن زايد للماء أشاد سموه بأهمية المبادرة والتقدم المحرز في مسابقة «إكس برايز للحد من ندرة المياه»، مؤكداً سموه أن دولة الإمارات ملتزمة بالعمل المستمر والإسهام الفاعل في معالجة تحديات ندرة المياه الملحّة محلياً وعالمياً.لا شك أن تلك المبادرة الكريمة من صاحب السمو رئيس الدولة تعكس قيم الإمارات وأصالتها، كما تدل على أن الإمارات دولة وفيّة لمبادئها وتعهداتها، وهي تعمل بكل جدّ وتصميم، سواء بشكل منفرد أو من خلال العمل الدولي المشترك، من أجل وضع تلك المبادرة الكريمة موضع التطبيق، والسعي من أجل توفير المياه العذبة لمختلف الشعوب المحتاجة في كل مناطق العالم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف