جريدة الجرائد

غاندي والرسام..

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تروي نوال السعداوي في مذكراتها (أوراق.. حياتي) أنها التقت ذات يوم صديقة كانت معها في المدرسة الثانوية، وذلك بعد 15 عاماً من الفراق، وكانت صديقتها تحلم بأن تكون رسامة شهيرة.وعلى شاطئ الإسكندرية تلتقي الصديقتان. نوال السعداوي أصبحت طبيبة معروفة، وصديقتها (فكرية) دخلت كلية الفنون الجميلة، لكنها لم تصبح رسامة. وانطفأ حلمها. تسألها نوال عن الرسم، فتقول إنها تزوّجت وزوجها فنان كبير &"..وهو يرسم لنا نحن الاثنين&".. تضحك نوال وتقول: &"يعني زيّ غاندي&" فتسألها فكرية وما علاقة غاندي بالرسم؟، فتحكي لها أنه حين سافر إلى قصر ملك الإنجليز في لندن، وسأله الملك حين رآه يدخل عليه شبه عارٍ:.. لماذا لم ترتدِ ملابسك؟، فردّ عليه غاندي:.. أنت ترتدي لنا نحن الاثنين. لم يُعرف، أو في حدود قراءاتي حول غاندي أنه كان رسّاماً، ولكننا نعرف أنه مجموعة لوحات. إزاره الأبيض الخفيف لوحة، نظارته لوحة، مغزله ومسيرة الملح التي قام بها لوحة، وهو كله على بعضه لوحة إنسانية نافذة الدلالات والمعاني إلى قلب الشعب الهندي وشعوب العالم الفقيرة.كان الملك الإنجليزي في كامل صمته وقيافته حين دخل عليه غاندي، وهو لم يجب بكلمة واحدة حين قال له صاحب المئزر والمغزل إنه يرتدي عن اثنين، وبالطبع، ما كان لغاندي أن يقبل ثياباً لا من ملك ولا من وزير أو غفير، وظل الرجل النحيف على ما هو عليه. ظل على حقيقته إلى أن تحوّل إلى حقيقة ضميرية في ذاكرة بلاده.تلك قصة وانتهت.. ولنعد الآن إلى الرسامة فكرية صديقة نوال السعداوي التي انسحبت من حلمها، وقبلت أن يرسم زوجها لنفسه ولها، وبالطبع، فإن الزوج الرسّام هذا مهما أُوتي من العبقرية الفنية لن يرسم لوحتين، بل هو يرسم لوحة واحدة هي لوحته، ولن يرسم ابداً لوحة فكرية، زوجته، ذلك، ببساطة أن لوحتها بقيت مدفونة في قلبها، وهي طيلة حياتها لن ترى سوى تلك اللوحة الواحدة.أما نوال السعداوي، فهي مثل غاندي، ولو كانت رسّامة فلن تسمح لأحد أن يرسم لاثنين، كما لن تسمح لأحد أن يعيرها قميصاً حتى لو كان من الصوف الإنجليزي.تأمل فقط، قوّة الإنسان الداخلية، سواء أكان من نموذج غاندي أو من نموذج نوال. قد يكون ضعيفاً أو هشاً أو قليل اللحم، ولكن ستجد في داخله نمراً فاتكاً وقد يكون &"ملو هدومه&" كما يقول إخوتنا المصريون في أدبياتهم الشعبية، ولكن في داخله هشاشة جناح فراشة، لا بل يقال إن جناح الفراشة الهش هذا في إحدى ذبذباته قد يتسبب في حدوث زلزال..يقول درويش:.. أثر الفراشةِ لا يُرى.. أثر الفراشة لا يزول.. تماماً مثل إزار غاندي.تروي نوال السعداوي في مذكراتها (أوراق.. حياتي) أنها التقت ذات يوم صديقة كانت معها في المدرسة الثانوية، وذلك بعد 15 عاماً من الفراق، وكانت صديقتها تحلم بأن تكون رسامة شهيرة.وعلى شاطئ الإسكندرية تلتقي الصديقتان. نوال السعداوي أصبحت طبيبة معروفة، وصديقتها (فكرية) دخلت كلية الفنون الجميلة، لكنها لم تصبح رسامة. وانطفأ حلمها. تسألها نوال عن الرسم، فتقول إنها تزوّجت وزوجها فنان كبير &"..وهو يرسم لنا نحن الاثنين&".. تضحك نوال وتقول: &"يعني زيّ غاندي&" فتسألها فكرية وما علاقة غاندي بالرسم؟، فتحكي لها أنه حين سافر إلى قصر ملك الإنجليز في لندن، وسأله الملك حين رآه يدخل عليه شبه عارٍ:.. لماذا لم ترتدِ ملابسك؟، فردّ عليه غاندي:.. أنت ترتدي لنا نحن الاثنين. لم يُعرف، أو في حدود قراءاتي حول غاندي أنه كان رسّاماً، ولكننا نعرف أنه مجموعة لوحات. إزاره الأبيض الخفيف لوحة، نظارته لوحة، مغزله ومسيرة الملح التي قام بها لوحة، وهو كله على بعضه لوحة إنسانية نافذة الدلالات والمعاني إلى قلب الشعب الهندي وشعوب العالم الفقيرة.كان الملك الإنجليزي في كامل صمته وقيافته حين دخل عليه غاندي، وهو لم يجب بكلمة واحدة حين قال له صاحب المئزر والمغزل إنه يرتدي عن اثنين، وبالطبع، ما كان لغاندي أن يقبل ثياباً لا من ملك ولا من وزير أو غفير، وظل الرجل النحيف على ما هو عليه. ظل على حقيقته إلى أن تحوّل إلى حقيقة ضميرية في ذاكرة بلاده.تلك قصة وانتهت.. ولنعد الآن إلى الرسامة فكرية صديقة نوال السعداوي التي انسحبت من حلمها، وقبلت أن يرسم زوجها لنفسه ولها، وبالطبع، فإن الزوج الرسّام هذا مهما أُوتي من العبقرية الفنية لن يرسم لوحتين، بل هو يرسم لوحة واحدة هي لوحته، ولن يرسم ابداً لوحة فكرية، زوجته، ذلك، ببساطة أن لوحتها بقيت مدفونة في قلبها، وهي طيلة حياتها لن ترى سوى تلك اللوحة الواحدة.أما نوال السعداوي، فهي مثل غاندي، ولو كانت رسّامة فلن تسمح لأحد أن يرسم لاثنين، كما لن تسمح لأحد أن يعيرها قميصاً حتى لو كان من الصوف الإنجليزي.تأمل فقط، قوّة الإنسان الداخلية، سواء أكان من نموذج غاندي أو من نموذج نوال. قد يكون ضعيفاً أو هشاً أو قليل اللحم، ولكن ستجد في داخله نمراً فاتكاً وقد يكون &"ملو هدومه&" كما يقول إخوتنا المصريون في أدبياتهم الشعبية، ولكن في داخله هشاشة جناح فراشة، لا بل يقال إن جناح الفراشة الهش هذا في إحدى ذبذباته قد يتسبب في حدوث زلزال..يقول درويش:.. أثر الفراشةِ لا يُرى.. أثر الفراشة لا يزول.. تماماً مثل إزار غاندي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف