كورسك بيد «الناتو»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بين تأكيدات أوكرانية بالسيطرة على 74 قرية تابعة لمدينة كورسك الروسية وبين نفي الروس لذلك، يشتد الصراع هذه المرّة داخل الأراضي الروسية وفي مدينة لا تبعد إلا 500 كيلومتر عن العاصمة موسكو، في تحول نوعي في المواجهة بين روسيا وأوكرانيا حليفة حلف الناتو.الأوكرانيون يقولون إنّ دخولهم إلى «كورسك» كان سهلاً ما مكن تحشيد نحو 12 ألف جندي في المقاطعة الحدودية الروسية، وهو أمر يمثل ضربة عسكرية محرجة جداً لروسيا التي تعتبر أكبر قوة نووية في العالم.فقد أكد قائد قوات «أخمات» الروسية الخاصة، اللواء أبتي علاء الدينوف، أن نحو 12 ألف عسكري من القوات المسلحة الأوكرانية دخلوا إلى أراضي مقاطعة كورسك، بينهم الكثير من الأجانب، وقد تم تحييد معظمهم. فيما تشير مصادر روسية إلى أن القوات الأوكرانية فقدت نحو 3 آلاف مقاتل في الهجوم على كورسك. وقال الدينوف: «نحن نعلم أن عدد الذين دخلوا الأرض (مقاطعة كورسك) يقدر بنحو 12 ألف شخص، وتجدر الإشارة إلى أن هؤلاء هم الوحدات المتبقية من بعض الكتائب والألوية التي كانت منتشرة على طول الجبهة، تم نقلهم من هناك ومن كل مكان وإلقاؤهم هنا». وتابع: «وفي سياق الوجود الأجنبي فقط، أريد أن أشير إلى أنه كان هناك الكثير من الأجانب في البداية، وهذا يعني أن الكلام البولندي، والكلام الإنجليزي، والكلام الفرنسي مسموع في كل مكان، وكان هناك أشخاص ذوو بشرة داكنة من جنسية غير معروفة، لكن يمكنني القول إن معظمهم، من حيث المبدأ، قد تم تحييدهم بالفعل». وتصاعدت وتيرة الوضع في مقاطعة كورسك الروسية، ومنذ صباح يوم 6 أغسطس الجاري، عندما حاولت وحدات من القوات الأوكرانية يصل عددها إلى ألف عنصر، الاستيلاء على جزء من أراضي منطقة سودجانسكي على الحدود الروسية الأوكرانية. وفي وقت سابق، اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع وزير الدفاع الروسي، أندريه بيلوسوف، وأمين مجلس الأمن الروسي، سيرغي شويغو، ومدير مكتب الأمن الفيدرالي، ألكسندر بورتنيكوف، ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، فاليري غيراسيموف، لمناقشة الوضع في مقاطعة كورسك. وقال رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، فاليري غيراسيموف، خلال الاجتماع: «في الساعة 5.30 من صباح يوم 6 أغسطس، شنت وحدات من القوات المسلحة الأوكرانية يصل قوامها إلى ألف عسكري هجوماً، من أجل الاستيلاء على جزء من أراضي منطقة سودجانسكي في مقاطعة كورسك». غير أن أوكرانيا تؤكد أنها ستقيم منطقة عازلة وتبحث إنشاء إدارات عسكرية في المناطق التي سيطرت عليها في مقاطعة كورسك بغرب روسيا، ما يعني أن المخطط يبدو أكبر من السيطرة على المقاطعة الحدودية. ذلك أن أي توغل جديد سيعني الاقتراب أكثر ومباشرة من العاصمة موسكو في تحول يبدو نوعياً في مسار المعركة، وهو ما سيجعل الروس يردون بشكل أكبر وفي العاصمة كييف.ولأن هذا «المنجز العسكري» الأوكراني ليس بالأمر الهيّن، فهو انقلاب حقيقي في مسار الصراع بعد نحو أكثر من عامين على التوغل الروسي في الأراضي الأوكرانية. وسارعت واشنطن إلى إعلان براءتها من التخطيط لدخول الأراضي الروسية واحتلال كورسك، ولكن هذا التبرّؤ لا يعني شيئاً، لأنّ واشنطن منخرطة مباشرة في الحرب مع الطرف الأوكراني، وهي تعلن ذلك صراحة، سواء بالدعم المالي أو العسكري والاستخباراتي، ولا يمكن لنظام كييف أن يخطو مثل هذه الخطوة التي قد تجر لاستعمال السلاح النووي، إلا إذا كان ذلك بدعم واضح من واشنطن ومن حلف الناتو أساساً.الروس الذين استوعبوا الضربة الأوكرانية، سيردون بما هو أكثر قسوة، وسيكونون أشد عدوانية تجاه الحلفاء الذين دفعوا بالأوكرانيين إلى المحرقة. فروسيا سارعت باستخدام صواريخ إسكندر القادرة على حمل رؤوس نووية للقضاء على التدخل الأوكراني في أراضيها. ووسائل إعلام أمريكية معبرة عن وجه نظر واشنطن تقول إن كييف ستكون على مرمى حجر من القوات الروسية إن حسمت موسكو أمرها بدخول العاصمة كييف وإنهاء نظام زيلينسكي.«جرح» كورسك بالنسبة لبوتين ولقادة روسيا لن يكون من السهل التغاضي عنه، لأنّ السكوت عليه سيعني استمرار حلفاء كييف في قضم الأراضي الروسية، وسيعني أيضاً أن روسيا لن تكون قادرة على لجم طموحات حلف الناتو الواقف خلف الستار لو تمكن زيلينسكي وحلفاؤه من إبقاء السيطرة على مناطق في كورسك. وفي آخر تصريحات له قال الرئيس الأوكراني إنّ قواته تتقدم جيداً في كورسك، وإن بلاده تحقق ما سماه هدفها الاستراتيجي. ومن الطبيعي أن يكون الهدف الاستراتيجي الأول هو تعديل موازين القوى وفرض منطق معادلة الردع لإجبار روسيا على خيار التفاوض. ولكن الهدف الاستراتيجي لحلف الناتو ليس كورسك، بل موسكو التي يريدون كسر شوكتها العسكرية وإخضاعها، وهذا هو لب الاستراتيجية الأمريكية في محاربة الأمّة الأوراسية والتي تم تحديدها في عام 2020 ضمن اجتماعات القمة لحلف الأطلسي. إن ما حدث في كورسك إنذار حقيقي عالي الدرجة لروسيا مما يمكن أن تواجهه في المعركة ضد حلف الناتو الذي تبقى طموحاته أكبر بكثير من السيطرة على قرى حدودية مع أوكرانيا.