همسات في سمع المناهج
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ماذا لو خطونا خطوةً أخرى على طريق تجليات الهوية في المناهج؟ معاذ الله أن يكون للقلم قصْدُ التذكير بمقولة رئيس ساحل العاج الراحل هوفوات بوانيي: «أمس كنّا على شفا الهاوية، اليوم، بحمدالله، خطونا خطوةً إلى الأمام». كُتب الكثير عن تعزيز الهويّة، سبعةُ أنهر كانت لمداده مدداً، لكن الأنهار نضبت مياهها وانقطعت عن الخرير، حين تفرّق العرب أيدي سبأ. أمسوا لعبة كل ريح، ورياح الأهواء أدهى. أنظمة التعليم أعدّت منذ عقود مقرّراً للتربية الوطنية، إلاّ أنه لم يثمر. لم تفكر المؤسسات في الإشكاليات الفكرية: كيف توضع تربية وطنية لبلدان عربية وكأنها أرخبيل جزر منفصلة، فالخريطة العربية لا تدخل في صميم الهوية العامة؟ بعبارة تبسيطية: تربية وطنية لا علاقة لها بمفهوم «بلاد العُرْب أوطاني». لكن لا حرج على من تذّكّر«بساط الريح». للفقرة السابقة توابع: التربية الوطنية محيّرة، لكونها خاليةً من الارتباط الوثيق بسبع وخمسين دولة إسلامية. قبل عتبة الابتدائية، يتعلّم الصغير في الأسرة أنه مسلم كأفراد العائلة، ويعرف الصلاة والشهر الفضيل والحج. لقد تذوّق افتراضيّاً من الفضائيات أطايب الأطباق على موائد الشعوب الإسلامية. في الابتدائية أو الإعدادية يخطر له السؤال: ما علّة انعدام العلاقات مع أولئك الذين يربطنا بهم دين واحد، فرائض واحدة، إله واحد، كتاب واحد، رسول واحد، تاريخ مشترك؟ هل كانت لنا أواصر جغرافية؟ ما أسباب انقطاعها؟ هل هم أيضاً لا يعرفون عنّا شيئاً؟ الخطوة المذكورة في أوّل العمود، هي لمسات أهملتها أنظمة التعليم قبل وجود أنظمة التعليم. لكنها جديرة بالتفكر من قبل التربويين والمفكرين والمثقفين، فهي خليقة بوضعها على جدول البرامج الرامية إلى تطوير المناهج واستدراك الثغرات، في سبيل استكمال أركان الهوية السليمة القويمة من الجوانب كافة. على مسؤولي المؤسسات التعليمية أن يدركوا أن الحضارات في البلدان والأقاليم، إنما هي مثل طبقات الأرض في الجيولوجيا. من المهمّ في تكوين الهوية لدى شعوبنا، أن تعرف بناتُنا وأبناؤنا الحضارات التي قامت على ما هي الخريطة العربية اليوم. ميراث الجزيرة العربية ووادي الرافدين وسوريا ومصر والمغرب العربي، إنما هو تراث كل العرب. إنه عقد حضاري فريد تنتظم في سلكه لآلئ مجموع ثلاثين ألف سنة من الحضارات التي علّمت البشرية معاني القيم الحضارية. لزوم ما يلزم: النتيجة القناعية: خير وبركة إذا دخلت الخاطرة آذان التربويّين من جهة وخرجت من الأخرى.