جريدة الجرائد

الأزهر وبناء الإنسان المصري العصري

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الإنسان هو آلة العمل وهو هدف العمل، في آنٍ واحد، لأي دولة راشدة ساعية لرفعة شعبها، وإسعاده.

من دون إنسان واعٍ بوطنه، وهويّته، بدرجات متفاوتة طبعاً، فلن تنجح أي خطة للنهضة والنماء، فما فائدة خطة طموحة للإصلاح التعليمي، مثلاً، والإنسان المُستهدف بتلك الخطة، غير مقتنعٍ بها، أو في أحسن الأحوال، غير مبالٍ بها؟!

نعم، قد لا يكون الإقناع للكل هدفاً واقعياً، فطلبُ الإجماع على أمرٍ ما، عملٌ متعذّرٌ عبر التاريخ، فمن يزعم الإجماع التامّ على قضيةٍ ما، فهو قد زعم الأباطيل. لكن توفير أكبر قدرٍ من الاحتضان الشعبي لخطةٍ ما، من خلال وسائل الإقناع، وأيضاً من خلال المرونة في التغيير والتطوير، هو أكبر ضامنٍ لنجاح وفاعلية الخطّة المُرادة.

حسناً... هذا من حيث العموم، أما من حيث الخصوص، فقد لفتني كلام وزير التعليم المصري الجديد، محمد عبد اللطيف، وهو يزور شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيّب، بهدف التعاون بين قطاع التعليم والأزهر، في «بناء شخصية الإنسان المصري».

في تفاصيل الخبر، أن وزير التربية والتعليم المصري، أعرب عن تطلّعه لـ«التعاون مع الأزهر في مجالات تحصين الطلاب ضد التطرف»، وتعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية؛ ذكر برّ الوالدين مثلاً، مؤكداً أهمية «إيجاد وسائل غير تقليدية لدمج القيم والأخلاق في المناهج التعليمية، بما يسهل ترجمتها إلى سلوكيات فاعلة في المجتمع».

أما شيخ الأزهر، الطيّب، فنبّه، وهو أمرٌ لافتٌ، إلى أن التعليم له خصوصية وشخصية مستقلة، محذّراً من خطورة الانسياق خلف ما يُعرف بـ«الأنظمة والأساليب التعليمية الحديثة»، التي تحمل أهدافاً غير معلنة لإقصاء الهوية العربية. وشدد على ضرورة التنبّه لـ«مخططات اختطاف التعليم العربي بما يخدم أجندات الغزو الثقافي».

نحن هنا أمام لغتين، لا واحدة، مهما كانت الدبلوماسية حاضرة في المفردات والأسلوب: لغة تريد الدخول على تغيير جديد باتجاه بناء الشخصية العملية الوطنية «العصرية» المعتدلة، حسب ما يُفهم من لغة الوزير، في المقابل هناك حذرٌ وتحذير من «الغزو الثقافي»، حسب لغة الشيخ.

نعم، الحفاظ على أصول الهوية والأصالة، عمودٌ أساسي في معمار الشخصية الوطنية، في أي بلد بالعالم، كما أن ضمان ألّا تكون هذه الأصالة جبلاً من جمود يحجز إنسانك عن فهم العالم والتفاعل معه والإسهام فيه، أمرٌ جوهري لا غِنى عنه أيضاً.

لاحظوا أنني لم أتكلم عن حكاية مكافحة التطرف، وتعزيز الوسطية والاعتدال. وسبب ذلك - أصدقكم القول - أن الكلام في هذه القضايا، أغلبه غير منتج ولا شجاع ولا واضح، بل تشعر أن الكلام في الوسطيات والاعتداليات، شعارات غير فاعلة على الأرض؛ لأنه بمجرد الدخول في تفاصيل هذا التطرف الذي نريد محوه من نفس إنساننا، فإننا نلجُ في شياطين التفاصيل، مثلاً: شرعية الخلافة، ومعنى الشريعة، والعلمانية والدولة الوطنية... إلخ،

هل نطيق عليها وعلى الكلام فيها... صبراً؟!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
...
كاميران محمود -

ما يدعو للاستغراب كبداية هو أن كان الوزير يعرف أسس عمل وزارته ودورها الحضاري لان ما يحصن الطلاب ضد التطرف ( التركيزعلى الدين والتدين ضد التشجيع على العقلانية)كان ايام الزمن الجميل من اختصاص وزارته من حيث التركيز على إدراج الأنشطة الفنية من موسيقى ومسرح ورسم ضمن المنهج الدراسي . وهو ما يدعو للتساؤل حول الذي استهدفه الوزير من زيارته للأزهر وان لم يكن تحويل مدارسه الى معاهد ازهرية وما لم يخطر ببال الوزير هو أن مايطرحه الأزهر كخطوة لمحاربة التطرف(فرض الاسلمة عنفا)هوببساطة تكفيرالمختلف سلما وذكروا علنا بأن التطرف سببه انتشارالاتجاهات اللادينية أي عدم تكفيرها وبالتالي قتل أو حبس معانيها.ولم تستسغ هذه المؤسسة لليوم خسارة التكفيريين لوزارة التضامن وتسليمها التنويرية مايا مرسي وبداوا عرقلة عملها الاحترافي من خلال محاولة فرض الواعظات(المتخصصات في مابعد الصلاة)على الوزارة وإعاقة عمل الرائدات الاجتماعيات المتخصصات فيما يتعلق بالمشاكل الاجتماعية مقابل تخصص الواعظات في تلقين البشر أصول التحريم(الديني)وبالتالي التكفير أي مالاتملك المؤسسة الدينية غيره كبنية فكرية. واوافقك (وللمرة الاولى)فيما اوردته عن التطرف، وأوضح بانه الوجه المسلح للوسطية والاعتدال ،وأفضح لك شيطان التفاصيل :وهو بكل بساطة أن يتمكن المواطن من التساؤل (انتقاداواستفسارا)حول إمكانيةاختياره لنصوص معينة من النصوص وترك مالايلائم اعتداده بعقله دون أن تفتك به المؤسسة الدينية.وبكلام أوضح لن يكون هناك وجود للاعتدال دون تقبل وجود اللاديني(علنا)كجزء مكمل للخلطة المجتمعية ولن يكون هناك أي قضاء على التطرف في استمرار تكفيره.