جريدة الجرائد

مزالق الفطنة الإعلاميّة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

هل لديك شحنة غير عادية من شطحات الخيال؟ إذا آنستَ في نفسك إشعاعَها فالسؤال: أيّ الميادين يفوز بقصب السبق إذا أقيمت مسابقة في ألذع السخريات؟ كأن أحدهم أراد القول: «لا توحشِ النفسَ بخوف السؤالْ.. وأطلقِ اللُّجْمَ لخيل الخيالْ... فلن ترى سخريةً مثلما.. يبدعه الساسةُ فوق المحالْ». موقع«ذا تايمز أوف إنديا» (22 أغسطس/آب) نشر تقريراً تحت عنوان: «أخطر بلدان العالم في 2024». ستسأل: وما السخرية في هذا يا هذا؟ هل في الأخطار مضحكات، وهي مبكيات؟ بل إن الموضوع لا علاقة له بمهرجانات الأفلام والمسرحيات الكوميدية. المحرر، شكر الإعلام سعيه، لا يجوز اتهامه بأن الأقدار حرمته انطباق قول الشاعر عليه: «الألمعيّ الذي يظن بك الظنَّ كأن قد رأى وقد سمعَا». حاشا أن يُرمى بالسذاجة، فهي مساوية لاستبلاه الناس. من البديهيّات في الإعلام قراءة السطور وما بينها، قبل نشر الكلمات، وإلاّ سلق المتلقون المؤسسة بألسنةٍ حِداد، ولم يقيموا على فطنتها الحداد. أعطى المحرر القراءَ معلومات مفصلةً عن البلدان التي هي الأخطر على ظهر الكوكب في نظره، لكن لحسن حظه نجا بجلده، فلفطنة فيه أو لإشفاق هيئة التحرير عليه، لم يُنشر اسمه واكتفى القسم بعبارة: «الشؤون الدولية». تأمّلْ قائمةَ الدول التي هي أخطر بقاع العالم: السودان، جنوب السودان، أفغانستان، أوكرانيا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، روسيا، سوريا، مالي. القائمة طريفة، لا ينقصها غير أن تكون نظيفة، شريفة. ابحث عن اليد أو الأيدي الأظهر من أن تخفى، المستفيدة من أخطار تلك البلدان. ما هي القوة أو القوى التي جعلتها «تتقلب على جمر النار.. وتتشرد ويّا الأخطار»؟ ما هي المخططات التي حوّلت سلّة الغذاء العربي إلى قياس على قول السياب: «وفي السودان جوع»؟ ما هي الخطط التي فصلت جنوب السودان؟ ما هي الأسباب التريليونية من الثروات التي صدرت بمقتضاها الأوامر بألا تتوقف الحروب في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حتى لا يعرف النهب الجماعي الغربي لحظة هوادة؟ «الجوكوندا موناليزا رايس» أجادت قراءة كتاب «رقعة الشطرنج الكبيرة» لكبير الأمن القومي برجنسكي، قائلةً: «إنّ روسيا مساحتها كبيرة جدّاً فيجب تقسيمها». قصة أوكرانيا وخطة دورها واضحتان في هذه الغاية. أمّا سوريا فما خطورتها وقد باتت حطاماً؟ لزوم ما يلزم: النتيجة التهكّمية: لم يذكر التقرير ليبيا، ربما لأن هيئة التحرير لم تفهم الفارق بين التهكم والسخرية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف