قرارات حماية البومة المرقّطة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سوف يستدرج رماة محترفون نحو 450 ألف طائر بومة مخططة (مهاجرة) عبر أصوات جاذبة مسجلة ليتم إطلاق النار عليها بحجة حماية البومة الأصلية المرقطة من الانقراض في الساحل الغربي من أمريكا. باختصار سوف ترتكب مجزرة طيور على مدى ثلاثة عقود لحماية بومتهم الأصلية في ولايات أوريغون وواشنطن وكاليفورنيا.
سوف يتربص القناصون للبومة المخططة الغازية القادمة من شرق الولايات المتحدة الأمريكية، والتي اعتبرتها دائرة الأسماك والحياة البرية هناك بأنها سبب سوف تندثر معه بومتهم.
هذا الحل الذي اعتبره نشطاء حماية البيئة والحيوانات حلاً قاسياً كما ذكرت قناة «سكاي نيوز عربية»، يراه آخرون قراراً ناجعاً لإنقاذ البومة الأصلية.
لا أعلم لماذا ذكرتني هذه الحكاية بنبأ هرع فيه رجال البيئة والشرطة وعدسات الإعلام إلى مقر إقامة مواطن خليجي كان ذنبه أنه أكرم ضيوفه في ربوع شرق أوروبا بشاة مشوية يبدو أن حجمها كان يكبر مسطرة رجال البيئة بشبر واحد! غرم الرجل وأحرج أمام ضيوفه وكاميرات الصحافة. ونحن الآن أمام مجزرة طيور في النصف الثاني من الكرة الأرضية المتقدم وذلك لحماية البومة.
ربما كان لرجال البيئة وجاهة رأي في حماية طائرهم المرقط ضد ذلك المخطط الشرقي المهاجر إلى ديارهم. لكن ما أثار فضولي أن قرار البحث عن حل عاجل، جدد في ذهني جدلية اتخاذ القرارات، التي يميل فيها البعض نحو حل سريع ليكفي نفسه عناء التفكير. مثل من يصدر قراراً بمنع سلوك ما على الفور، من دون التفكير في بدائل. المنع أسهل من البحث عن حلول. مثل منع التدخين أسهل من استحداث أماكن مكيفة للمدخنين. ومنع فئة من الناس من دخول مكان ما أسهل من البحث عن أسباب قانونية لمنعهم. إلغاء علاوات موظفي مصرف أو شركة أسهل من البحث عن حزمة امتيازات مالية جاذبة ومحدودة التكلفة.
عندما يدخل متخذ القرار في حالة اتخاذ القرار لا بد من أن يدرك أنه سيمر في مراحل معروفة عالمياً، مثل: تحديد المشكلة، وجمع المعلومات، وتحليل الخيارات، واختبار الحل الأمثل، ثم تنفيذ القرار. القرارات الرشيدة لا تأخذ طرقاً مختصرة. وكلما زادت وعورة الطريق نحو القرارات زادت فرص تعلم شيء جديد لكل من شارك في اتخاذها.
وهذا السبب الذي يدفع الحكماء أو القدماء في المؤسسات إلى الإصرار على مشاركة الجميع في عملية اتخاذ القرار، فضلاً عن أصحاب الاختصاص. وذلك حتى تنتقل الخبرات من جيل إلى آخر.
أكبر صدماتنا تقع حينما نكتشف أننا افترضنا وجود مشكلة ليس لها أساس. إذا لم نعترف بوجود المشكلة لن تبدأ عملية اتخاذ قرار. فعندما نفترض أن طيراً هو سبب انقراض آخر بوجود أدلة دامغة وأنه ليس من سبيل سوى القضاء على أسرابه (حسب رأي العلماء) فسوف يتعاطف الجميع معنا ويمدون يد العون.
ولا بد من الإشارة إلى أن لكل قرار ظروفاً تخيم عليه. منها مثلاً حالة اليقين وهي ما تدفعنا لاتخاذ القرار بثقة كاملة بالنتائج (كالقرارات الروتينية). وهناك حالة الخطر عندما يساورنا شيء من الارتباك والشعور المحدود بالمخاطر بحكم المعلومات غير الكافية. وهناك حالة عدم اليقين وهي التي تنطوي فيها جل مخاوفنا بسبب محدودية المعرفة بالخيارات والمخاطرة المحدقة. ولذلك تتطلب هذه المرحلة جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات أملاً بالوصول إلى قرار عقلاني.
اتخاذ القرارات يتطلب توازناً دقيقاً بين التفكير المتأني والإجراءات السريعة في إصدارها. كما أن فهم الظروف المحيطة، وتأمل المعلومات المتاحة جيداً، والتداعيات، يساعد على الوصول إلى أفضل قرار ممكن، إن اتبعنا خطوات اتخاذ القرار.