«البصمة الثالثة» والثقة المعدومة (1 من 2)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
موسى بهبهاني
البصمة حديث الساعة:
بدأت الجهات الحكومية بتطبيق نظام «البصمة الثالثة» لإثبات التواجد أثناء الدوام لجميع الموظفين تنفيذاً لقرار مجلس الخدمة المدنية!
ديوان الخدمة المدنية، أوضح في تعميم صادر، مواعيد إثبات الحضور للموظف بـ «البصمة الثالثة»، حيث يتم بعد مرور ساعتين من بصمة الحضور!
وأعلن أن تطبيق الآلية الجديدة تم استحداثه لضبط العمل في هذه الجهات!
- أي هو اتهام صريح بعدم الالتزام بمواعيد الدوام يشمل جميع الموظفين من دون استثناء، فالموظف الملتزم والموظف غير الملتزم، سواء!
وهنا نتوقف لمعرفة السبب الرئيسي الذي بسببه اتخذ هذا القرار المفاجئ!
- قيل بأن السبب في اتخاذ هذا القرار هم الموظفون الذين لا يلتزمون بالتواجد في مقار أعمالهم!
أيعقل بأن يتم اتهام كل موظفي الدولة بالتسيب وعدم الالتزام بالعمل؟
أيعقل أن يتهم جميع الموظفين بعدم الإخلاص بالعمل؟
إذا.... مَنْ الذي يعمل في هذه الجهات الرسمية؟
أين دور المسؤولين والمراقبين ورؤساء الأقسام، عن هذا التسيب؟
- أليس المسؤولون الذين يديرون المرافق العامة منوطاً بهم متابعة الحضور والانصراف وتواجد الموظفين على رأس عملهم؟
- أليس دور المسؤولين عن إدارة تلك المرافق، تطبيق العقوبات الإدارية على كل موظف مخالف لشروط العمل من: تأخير، تغيب، هروب، وعدم إنجاز العمل)... والعقوبات تتدرج بدءاً من لفت النظر الشفوي، ثم الكتابي، ثم الإنذار الأول، والإنذار النهائي والخصم من الراتب وتأخير الترقية والحرمان من الأعمال الممتازة، وإن كان الغياب 15 يوماً متواصلاً أو 30 يوماً متفرقاً، تطبق أقصي عقوبة، وهي الفصل من الوظيفة.
- وللعلم فإن العمل الإداري فن وقيادة وحُسن إدارة، فالمسؤولون الأكفاء وأصحاب الخبرة والذين هم من رحم القطاع، تدرجوا في السلم الوظيفي من الأسفل إلى قمة الهرم الإداري، ومن كان هذه حاله، فإنه يتمكن بالارتقاء بالقطاع الذي تحت إدارته بالعمل والإنتاج والكفاءة.
- ان افترضنا جدلاً صحة الرأي القائل إن هناك عدم التزام من الموظفين بمواعيد العمل!
فمن المفترض محاسبته في المقام الأول، الموظف ام المسؤول؟
- بالتأكيد المسؤولون من القيادة الوسطي والعليا، هم مَنْ يجب ان يحاسبوا اولاً،لأنهم لم يقوموا بأداء عملهم من متابعة الموظفين الذين تحت إدارتهم.
فمن واجب المسؤولين متابعة تواجد الموظفين في أماكن عملهم، ومحاسبة كل مَنْ لا يلتزم أو يؤدي مهامه.
- هناك مَنْ يقول إن بعض المسؤولين الذين تبوأوا تلك المناصب القيادية، ليسوا من المختصين في المنشأة الحكومية التي يعملون بها!
فهناك مَنْ تسلم المنصب بالباراشوت! ومنهم مَنْ تسلم المنصب بالواسطة! وآخرون من مزوّري الشهادات الوهمية!
ولذلك لن يتمكن هؤلاء من إدارة المرافق المنوط بهم بنجاح، ففاقد الشيء لا يعطيه.
فمن باب أولى محاسبة هؤلاء، بل وعزلهم من تلك المناصب لفشلهم بإدارة المرافق الحكومية، بل يتم سحب القرارات الإدارية الصادرة بترقيتهم لهذه المناصب.
نسرد قصتين لنستخلص منهما العِبر:
القصة الاولى من القرآن الكريم:
تعلمنا كيفية القيادة ومهام المسؤول، فالقائد مسؤول وواجب عليه تفقد جميع مَنْ تحت إدارته، ومعرفته بهم.
وفي قصة النبي سليمان مع الهدهد، لم يجد النبي سليمان عليه السلام (الهدهد) في الاجتماع الصباحي اليومي.
«وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ».
ويدل ذلك على اليقظة والانتباه، لمَنْ تحت إدارته، ومعرفته بكل الحضور، وكذلك معرفته بمَنْ غاب عن الاجتماع بعذر، ومَنْ غاب من دون عذر، وهو يعلم بأنه لم يرسله لمهمة ولم يأخذ الهدهد إذناً لغيابه.
وفي تطبيق هذه الأمور التي وردت في القصة، على حياتنا، وهذا أمر مهم، نستخلص أن المسؤول يجب عليه أن يكون على علم بكل مَنْ يعمل تحت قيادته، وأن يحرص على سلامتهم وتوفير الأمان لهم، وإعطاء الفرصة لإبداء الرأي، وتقديم الاقتراحات، والإصغاء والاستماع الجيد لهم، وخلق جو صحي يبث الراحة والطمأنينة في النفوس.
القصة الثانية من الواقع:
في إحدى المؤسسات الحكومية، حصل خلاف في العمل بين احد الموظفين ومدير الإدارة، والخلاف كان محتدماً بينهما، وكان الموظف يقوم بأداء العمل الموكل إليه بكل تفانٍ، وملتزماً بمواعيد الحضور والانصراف والتواجد في مقر العمل.
وفي يوم من الأيام وصل متأخراً إلى العمل، وكان آنذاك نظام إثبات الحضور باستخدام كرت الحضور والانصراف، وكان مدير الإدارة من اوائل الملتحقين بالعمل، وكذلك كان يجلس في مكتب الحضور والانصراف، وهذه تُحسب له من حيث متابعة التحاق الموظفين بالعمل، وكذلك ليكون قدوة للموظفين بأهمية الالتزام والالتحاق بالعمل في الوقت المحدد.
وعندما تقدم الموظف لأخذ الكرت الخاص به في الموقع المحدد له، لم يجده في مكانه، لأن المسؤول عن الدوام بعد مرور فترة السماح، يقوم بسحب الكرت ويحتفظ به على مكتبه.
فبادره بالسؤال عن سبب التأخير؟
فأجابه: كنت نائماً!
فطلب منه ان يكتب على الفورمة الخاصة ذاكراً سبب التأخير و التوقيع على الفورمة.
واخذ الفورمة ليقوم بإملائها.
وهنا تدخل المدير موجهاً كلامه لمسؤول الدوام، أنت لا تميز بين الموظف المواظب والموظف المهمل!
فهذه أول مرة يتأخر عن الالتحاق بالعمل، وهو دائماً ملتزم بأوقات الحضور ومتواجد في مقر عمله، وطلب كرت إثبات الحضور من المسؤول وقام بالتوقيع في خانة الحضور بنفسه!
واعتذر عما بدر من مسؤول الدوام وطلب منه الالتحاق بمقر عمله بكل ود.
وتلك القصة فيها الكثير من العِبر، منها:
1 - أن المسؤول يجب أن يكون من أوائل الملتحقين بالعمل، فهو قدوة حسنة للموظفين.
2 - أن المسؤول يجب أن يكون ملماً بكل الموظفين الذين تحت إدارته ويعرف الموظف المواظب والموظف المهمل.
3 - أن يقوم المسؤول بأداء دوره كمسؤول بكل أمانة لا يميز بين الموظفين، فالكل سواسية أمامه.
4 - ان تنفذ العقوبات الادارية من دون تمييز، إن كان الخطأ من الموظف.
5 - هذه القصة فيها درس للمسؤولين، فحتى وان كانت هناك خلافات في العمل مع الموظفين، فلا يجب ان يكون هذا سبباً للانتقام او ظلم الموظفين، فالعمل له آلية خاصة، والمسؤول كذلك له مساحة للتصرف واتخاذ القرارات الحازمة.
ومن غير المقبول ان يُجَرد المسؤولون من صلاحياتهم الإدارية.
فهل تتمكن هذه البصمة من تحقيق هذه المشاعر الإنسانية والمسؤولية الكبيرة ويكون هذا الجهاز هو المسؤول؟
- شرذمة تبث السموم:
ابتلينا بشرذمة (قليلة) تبث سمومها في المجتمع وتتعمّد الإساءة للآخرين، فمنهم مَنْ يقوم بترويج كلام مقيت ويتهم الموظفين أبناء وطنه بشتى أنواع التهم مثل: الكويتي لا يعمل؛ الكويتي مهمل؛ الكويتي مُدلل!
- ونقول لهؤلاء: قولوا خيراً أو أصمتوا، بدلاً من قول هذه الادعاءات الباطلة وترويجها.
ألا تعلمون بأنكم تسيئون بهذه العبارات لجميع موظفي الدولة، واتهاماتكم لأبناء بلدكم بهذه العبارات الكاذبة، يدل ذلك على ضحالة فكركم.
هؤلاء عرفوا شيئاً وغابت عنهم أشياء، لذا نذكرهم لعل الذكرى تنفع المؤمنين.
اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.