جريدة الجرائد

مصر وإثيوبيا.. ضرورة تطويق الأزمة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
حمود أبو طالب

تواجه الشقيقة مصر مصاعب عديدة ومشاكل جمة منذ ما حدث فيها عام 2011، ومنذ استعادتها لاستقرارها وأمنها الداخلي بعد إزاحة حكم الإخوان وهي تحاول حلحلة ملفات صعبة أهمها الملف الاقتصادي، لكنها أيضاً تواجه تحديات أخرى لا تقل أهمية، فهناك إسرائيل على حدودها الشرقية التي تتعمد استفزازها وتحاول توظيف أزمة غزة لتغيير الواقع في نقاط تماس حدودية إستراتيجية، وفي الجانب الغربي تشكّل الأوضاع المضطربة في ليبيا تحدياً أمنياً كبيراً لها، ثم أضاف السودان بأوضاعه المنفلتة وحربه المأساوية قلقاً وعبئاً جديداً عليها، ولا ننسى ما تسبّبت به أزمة البحر الأحمر من خطر على الملاحة في انخفاض عائدات قناة السويس التي تمثل مورداً اقتصادياً أساسياً لمصر.

كل ذلك تحاول مصر بتخطيطها وخبرتها وحكمتها التعامل معه كدولة كبيرة متزنة باستطاعتها إدارة ملفاتها الصعبة، لكن هناك مشكلة أخرى قديمة، تتجدد وتتعقد أكثر مع الوقت، هي أزمة سد النهضة مع إثيوبيا المتعلقة بالأمن المائي الذي يمثل عصب الحياة لمصر. هذه الأزمة لم تصل إلى حل بسبب مماطلة إثيوبيا والتفافها على المبادرات لإطالة أمد التفاوض واستغلاله لتكرار ملء السد، ويبدو أن الأزمة وصلت مؤخراً إلى عنق الزجاجة بعد تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي بشأن ملء السد، والتي رفضتها مصر جملةً وتفصيلاً في بيان الخارجية المصرية الذي أشار إلى توجيه خطاب إلى مجلس الأمن، وأكد أن القاهرة مستعدة لاتخاذ كافة التدابير.

ليس ذلك فقط، بل إن التصعيد وصل إلى مرحلة الخطورة بعد إرسال مصر مؤخراً عدداً كبيراً من قواتها إلى الصومال بناءً على طلبها كما جاء في خطاب للرئيس السيسي الذي أكد التزام مصر باتفاقية الدفاع المشترك كون الصومال عضواً في الجامعة العربية، يأتي هذا التحرك بعد دعم إثيوبيا لما يسمى بصومال لاند وطموحها لإيجاد قاعدة عسكرية فيها، أي أن الطرفين المصري والإثيوبي موجودان الآن عسكرياً في مواجهة بعضهما، ولو انطلقت شرارة لأي سبب، وما أكثر المتطلعين إلى خراب المنطقة، سوف تشتعل نار خطيرة في منطقة غاية في الحساسية جيوسياسياً، تمثل أهم ممر للملاحة العالمية وتصدير الطاقة، تضاف إلى النار التي أشعلها الحوثيون على مرأى من الدول الكبرى الصامتة.

مصر دولة عربية شقيقة، وإثيوبيا دولة مهمة في القارة الأفريقية ولها علاقات مهمة مع الدول العربية، والأوضاع لا تحتمل أبداً أي تأزيم قد يؤدي إلى انفجارها. لذلك نأمل تطويق هذه المشكلة الخطيرة والعمل على حلها سريعاً بكل الوسائل الممكنة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف