جريدة الجرائد

أمريكا والدولة الفلسطينية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

خالد بن حمد المالك

حين كان ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية أخذ بقرارات مفصلية خطيرة لصالح إسرائيل، وضد الحقوق الفلسطينية والسورية المشروعة، كان أبرزها الاعتراف بالجولان السورية المحتلة جزءاً من إسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بها عاصمة موحدة لإسرائيل، مخالفاً بذلك كل القرارات الدولية، والمواقف المعلنة السابقة لأمريكا.

* *

لكن ما أقدم عليه ترامب هو لسان حال كل من سبقه في رئاسة أمريكا، وإن لم يعلنوا عنها، وإن جاءت قرارات ترامب واضحة تعبر عن الموقف الأمريكي الحقيقي الذي ظل منذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وقيام الدولة اليهودية، في تصاعد لدعم إسرائيل في سياسات احتلالها للأراضي، سواء ما حدث عام 1948م أو في حرب عام 1967م.

* *

ما يثير التساؤل حقاً أن أمريكا تحاول أن تخفي ما تبطنه لتهميش أي فرصة لقيام الدولة الفلسطينية، متطابقة بذلك مع السياسة الإسرائيلية، ومتضامنة مع الدول الغربية على رأس القائمة التي تعلن عن أن السلام والاستقرار مرهون بخيار الدولتين، كلما كان هناك ضغط على إسرائيل من الفلسطينيين في حروبهم مع إسرائيل، ثم ما يلبث أن يختفي هذا الموقف مع الهدوء.

* *

ولا أدل على ذلك من تداعيات أحداث السابع من أكتوبر من العام الماضي، وما ترتب عليها من وجود رهائن لدى حماس فشلت حتى حرب الإبادة في غزة من تحريرهم من قبضة حماس، فكان أن بدأ الكلام الأمريكي-الأوروبي يتردد من جديد عن فكرة خيار الدولتين، ولكن من باب الاستهلاك الكلامي.

* *

وليس جديداً أن نرى زعامة أمريكا تعمل على إجهاض قيام الدولة الفلسطينية، وذلك بإفشال قرارات مجلس الأمن باستخدامها حقها في النقض حيث يصب في هذا الاتجاه، وحيث إن دعم إسرائيل بالأسلحة والمعدات العسكرية يكرّس الاحتلال، مع التهديد بالتدخل عسكرياً إذا تطلب الأمر، وكل ذلك يأتي ضمن إنكار حق الفلسطينيين في انتزاع حقوقهم بالحرب، طالما أن إسرائيل ترفض خيار السلام من خلال الحوار السلمي.

* *

والحرب الآن توشك أن تنتهي بما خلفته من جرائم إسرائيلية غير المسبوقة، باعتراف محكمة العدل الدولية، والأمين العام للأمم المتحدة، وكل الدول التي تنظر إلى هذا الصراع من منظور عادل ومنصف، بينما لا هم لأمريكا إلا تحرير الرهائن الإسرائيليين لدى حماس، مع علمها أن من يعطّل الصفقة هي إسرائيل، رغم أن المبادرة جاءت من أمريكا، وبالتنسيق مع إسرائيل التي لم تلتزم بتطبيقها.

* *

يقول الرئيس الأمريكي بايدن: إن نتنياهو لم يقم بما يجب بشأن الصفقة، وكان عليه أن يقول: إن من عطّل تبادل الأسرى هو رئيس وزراء إسرائيل، لكنه تجنب ذلك حتى لا يغضبه، فوصف موقفه بهذا التصريح الناعم الذي لا يخدم وقف إطلاق النار ولا يخدم تحقيق تبادل الأسرى.

* *

ملخص الكلام أن تحقيق خيار الدولتين مرهون بالموقف الأمريكي، كما أن فشله يعتمد على جدية واشنطن في التعامل مع آخر احتلال واستعمار لأراضي الغير، وممارسة دورها كأكبر وأقوى دول العالم، ومسؤوليتها في تحقيق السلام في هذه المنطقة المهمة من العالم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف