نظرية «حل اللا حل»!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ما نعايشه هذه الأيام في مفاوضات غزة، هي ما يمكن تسميتها مفاوضات «سد الثغرات».
عادة تكون بعد الصراعات العسكرية أنواع متعددة من المفاوضات، تبدأ بالإيقاف الفوري المؤقت للنار، ثم الدخول في تفاصيل هدنة، ثم فيها البحث عن إمكانية تبادل رهائن، أو تسليم جثث ضحايا، أو السماح بخروج مصابين، أو فتح طريق آمن للمدنيين، أو التفاوض على دخول أدوية ومواد غذائية ومحروقات.
وأحياناً، إن خلصت النوايا، وكانت هناك مصلحة حقيقية، يتم التفاوض على تسوية سياسية تفصيلية لنزع الجذور الأساسية لنشوء واندلاع الصراع العسكري.
ومنذ شهر مايو الماضي، وإدارة بايدن تحاول، عبر الدعم القوي من الجانبين المصري والقطري، التوصل إلى هدنة جديدة موسعة، تؤدي إلى إيقاف كامل لإطلاق النار، مع انسحاب كبير للقوات الإسرائيلية، تمهيداً للمرحلة الثانية، وهي التمهيد لنظام إداري أمني في القطاع بعد توقف إطلاق النار، وهو ما يعرف «بترتيبات صباح اليوم التالي».
ووصلت الأفكار والمقترحات الأمريكية إلى تمرير مقترحات بوجود إدارة مدنية، ودور للسلطة الفلسطينية، ووجود قوات دولية لحفظ السلام، مدعومة بقوات عربية.
كل هذه الأفكار، وكل هذه الصيغ، نسفها وأفشلها رئيس الوزراء الإسرائيلي، الواحدة تلو الأخرى.
والمذهل أنه كلما جاء خبراء الصياغة الأمريكيين مدعومين بأفكار مصرية وقطرية، لإيجاد حلول لاعتراضات نتنياهو، أو بالأصح لمعالجة «مخاوفه»، أو الاستجابة «لمطالبه» الجديدة، يفاجئهم الرجل باختراع حجج جديدة، تصل إلى حالة «التفجير»، وتصل بالمفاوضات إلى أنها تصبح «مفاوضات محبطة»، على حد وصف أحد خبراء فريق المفاوضات الأمريكيين.
ومع كل إحباط، يعود الوسطاء إلى إغلاق غرف الصياغة لمسودة جديدة، تسعى إلى «سد الثغرات»، أو بالأصح إبطال حجج نتنياهو الجديدة.
وفي كل مرة يضطر المفاوض الأمريكي إلى عدم توجيه أصبع الاتهام للجانب الإسرائيلي في المسؤولية عن إفشال مشروع الهدنة.
وبدلاً من «اللوم الخفيف» على نتنياهو، يخرج مسؤولو الإدارة الأمريكية بتوجيه اللوم الشديد على «حماس»، ويطالبونها مرة أخرى وأخرى الالتزام بالمرونة، وتقديم تنازلات!
أقصى ما خرج من بايدن حول السلوك الإسرائيلي في هذه المفاوضات، هو قوله «إنه يتعين على رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يفعل أكثر للتوصل إلى اتفاق».
ومن شاهد المؤتمر الصحافي الدولي لنتنياهو، مساء أول من أمس، سوف يدرك أن الرجل مستمر في التلاعب السياسي، والمناورة الشريرة، والتشدد اللانهائي، من أجل التوصل لإفساد «سد الثغرات»، بهدف إنجاح مشروعه الحقيقي، وهو «حل اللا حل»!