بريطانيا أحرجت بايدن بتعليق بيع أسلحة لإسرائيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بدا الاستياء الأميركي واضحاً من قرار بريطانيا تعليق 30 من أصل 350 ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل، خوفاً من استخدامها بطريقة تتعارض مع القانون الإنساني الدولي في الحرب التي تشنها على قطاع غزة.
قالت واشنطن إن بريطانيا اتخذت قراراً "سيادياً" بناءً على تقويم خاص بها، أما الولايات المتحدة فلم تتوصّل من خلال المعايير المتوافرة لديها إلى نتيجة تدلّ إلى أن إسرائيل تنتهك القانون الإنساني الدولي. وتالياً، لا شيء يستوجب أن تحذو إدارة الرئيس جو بايدن حذو حكومة كير ستارمر في بريطانيا.
إن سقوط أكثر من 40 ألف فلسطيني في قطاع غزة بالقنابل الأميركية التي تستخدمها إسرائيل، وجرح أكثر من 80 ألفاً، وتدمير أكثر من 70% من المنازل، لا تُعدّ أسباباً كافية من وجهة النظر الأميركية كي تُعيد واشنطن النظر في إرسال الأسلحة إلى الدولة العبرية. القرار الوحيد الذي اتّخذه بايدن كان تعليق إرسال شحنة واحدة من القنابل التي تزن الواحدة منها ألفي باوند.
يعتبر بايدن وفريقه أن تعليق شحنات الأسلحة، أو بعضها، لن يكون عاملاً مساعداً للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة للتوصل إلى وقف للنار، وإنجاز صفقة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة "حماس"، علماً أن هذه السياسة لم تؤتِ ثمارها، ولا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتصلّب ويعرقل التوصّل إلى اتفاق يوقف الحرب، لأنه يعلم أنّ في اللحظة التي يوافق فيها على وقف النار، ستسقط حكومته ويتعرّض تالياً للمساءلة عن الإخفاق الكبير في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
منذ 11 شهراً، وقف بايدن بكل قوته مع إسرائيل، عسكرياً وديبلوماسياً، وحماها من الهجوم الإيراني بالصواريخ والمسيّرات في 14 نيسان (أبريل) الماضي، ويحشد منذ أكثر من شهر حاملتي طائرات وأسراباً من المقاتلات وأكثر من 30 ألف جندي في الشرق الأوسط، لحمايتها مجدداً من تهديد إيران بالانتقام بعد إقدام إسرائيل على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" اسماعيل هنية في طهران، في تموز (يوليو) الماضي.
كل هذا الدعم الأميركي لم يُقنع نتنياهو بأن هناك حاجة أميركية ملحّة لوقف النار في غزة، كي لا ينعكس استمرار الحرب على حظوظ المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس في الفوز بالانتخابات الرئاسية في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
لم يُصغ بايدن لأصوات الجناح التقدمي في الحزب الديموقراطي، الداعية إلى تقييد إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، كرافعة من أجل حمل نتنياهو على القبول بوقف النار.
شكّل القرار البريطاني، على تواضعه، إحراجاً لبايدن، لأن من شأنه تصعيد الضغوط عليه من التقدميين والعرب الأميركيين كي يعلن أن إسرائيل تخرق القانون الإنساني الدولي يومياً في غزة، بقتلها العشرات في مراكز الإيواء والمدارس التابعة لـ"الأونروا" التي تحولت ملاذاً للنازحين، ومن خلال الاستمرار في تقييد دخول المساعدات الإنسانية، وتدمير المستشفيات، وتفشي المجاعة والأمراض، بسبب انعدام الوصول إلى الغذاء والمياه الصالحة للشرب.
إن كان ذلك كله لا يشكّل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، فما المعيار الذي تعتمده الولايات المتحدة كي تتوصّل إلى مثل هذا الاستنتاج؟ وكم من الفلسطينيين يجب أن يُقتل أو ينزح أو يجوع حتى تقرّ أميركا بوجود انتهاكٍ للقانون الإنساني الدولي؟
القرار البريطاني مهمّ برمزيّته، كون إسرائيل تعتمد بنسبة 80% على الولايات المتحدة في تسلّحها، وتعتمد على النسبة الباقية على بريطانيا وألمانيا ودول أخرى. لذا، إن قراراً أميركياً بتقييد إرسال السلاح إلى إسرائيل تكون فاعليته مضاعفة، ويُجبر نتنياهو على التفكير مرّتين قبل أن يرفع أصبعه في وجه بايدن متحدّياً.