حتى اللحظة المناسبة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سهوب بغدادي
أغلبنا ننتظر لحظات محددة في حياتنا، التي تسبق بالتحضيرات العديدة والمديدة، على سبيل المثال لا الحصر، لحظة التخرج التي تأتي بعد تعب الدراسة، ولحظة احتضان الأم لطفلها بعد تكبدها مشقة تسعة أشهر من الحمل، ولحظة العودة إلى أحضان الوطن بعد سنين مثقلة بالغربة القاحلة، كلها أمثلة على اللحظة الفارقة والحاسمة في حياتنا، بعدها نتعلم أن كل بعض اللحظات المنتظرة لم تكن فارقة أو مؤثرة بالشكل المتوقع، لذا يمضي البعض حياتهم يخططون لذلك المشروع الاستثنائي دون البدء به، وتنشف ألوان الرسام ريث نزول الإلهام عليه، وتبقى كتب المؤلف مركونة على الرف يعلوها الغبار إلى أن يجد النهاية السعيدة المنشودة، نعم، إنها لحظات مؤجلة بذريعة الوقت المناسب، مما يجعلها تتراكم وتتراكب لتشكل حياة مؤجلة بأكملها!
في هذا الصدد، نختبر بعض المشاعر اليومية والمعتادة التي تستلزم التعبير عنها كالسعادة، والاشتياق، والحب، والامتنان، والفخر، وإبداء الإعجاب بالشيء أو الشخص كقصة شعره أو لباسه أو تصرفه وأخلاقه، والشكر بالتأكيد، في المقابل، هناك مشاعر جديرة بمراجعة الذات عليها قبيل إبدائها كالاستياء من شيء أو شخص، والعصبية، إذ أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشديد من يملك نفسه عند الغضب، فعن أبي هُريرة رضي الله، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (ليس الشَّديد بالصُّرعة، إنما الشَّديد الذي يَملك نفسه عند الغضب)، وعن أَبي هريرة: أَنَّ رَجُلًا قَالَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أَوْصِني، قَالَ: لا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: لا تَغْضَبْ) رواه البخاري. ليس المقصود هنا، بعدم التعبير التام أو كبت الاستياء، إنما مراجعة الحدث والشعور والتوقف على الذات والمسببات العامة له، من ثم بحث السبل الناجعة لحل الإشكالية وتبديد الشعور بطرق سلمية مع حفظ الود والمعروف، وفي هذا الإطار تدخل العديد من الأمثلة الحياتية على صعيد الأسرة والعلاقات الإنسانية اللصيقة للشخص، فتتسيد المشاعر الموقف أحيانًا، إلا أن المعيار الأساس لهذه العلاقات هو الود والمعروف، كذلك من الحكمة أن يتأنى الشخص حين إصداره الأحكام المسبقة والظن السيء، مخافة وقوع الظلم، علاوةً على كون التسرع يحمل عواقب وتبعات وخيمة في بعض المواقف، أيضًا مشاعر التردد والحيرة والمخاوف التي تختلج النفس، كلها مشروعة ولكن يظل معيار البوح من عدمه قائمًا حتى المعالجة، والأجمل أن يكون الشعور طيبًا أو يحمل هدفًا أو رسالة طيبة على النفس والغير تباعًا، فكم كلمة تشجيع قالها معلم لطالب أخذت به إلى الأعالي، وكم تعليق ساخر هوى بالشخص إلى متاهات سحيقة، وكم من غيظ وألم أسررته في نفسك واستمر في طعنك من الداخل دون أدنى اكتراث من الآخرين، إن المشاعر السلبية التي تثار في قلبك وتستحوذ على عقلك تثقلك أنت وحدك وليس الآخرين، وفي حال كانت المشاعر إيجابية فستغمرك بالسعادة وتنعكس على غيرك بطريقة لافتة حين البوح بها، فلِمَ لا نبوح بمكنونات صدورنا برقي واحترام ووعي في اللحظة المناسبة؟ كل ما عليك هو أن تعرف اللحظة المناسبة أو أن تقتنصها أو أن تصنعها بنفسك لنفسك.