الحنين للزمن الجميل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عثمان بن حمد أباالخيل
(ذكرياتٌ داعبَتْ فِكري وظنِّي... لستُ أدري أيُّها أقربُ مِنِّي) بيت شعر من قصيدة ذكريات للشاعر أحمد رامي غنتها كوكب الشرق أم كلثوم عام 1955. ذكريات جيل 1/7 كثيرة وتختلف من منطقة إلى منطقة في مملكتنا الغالية. حين نغوص في بحر الذكريات يمر بنا شريط الذكريات الجميلة المتجسدة في الصدق، والهدوء، والطمأنينة، وراحة البال، وبساطة الناس، ونقاء القلوب، وصفاء النفوس، واحترام الكبير، ومعرفة الجار لجاره زمن بيوت الطين، زمن السِراج، زمن الجار يعرف جاره وجار جاره وأهل حيه، زمن الشوارع الضيقة، ما أجمل الحنين أحن للسراج، والتريك الذي يملأ بيتنا نوراً، أحن إلى سطح بيتنا حيث الهواء النقي، أحن إلى جهاز الراديو الذي يذيع اسماء الناجحين من الثانوية. السفر عبر الزمن إلى الماضي يجعلني أتذكر جيل الطباشير والضرب بالمسطرة والخيزران، جيل المجلات المدرسية الحائطية. هذا هو الزمن الجميل هذا هو الحنين إلى زمن مضي. هل حقاً لو عاد ذلك الزمن لكرهناه، وفي ذلك يقول الفيلسوف باسكال: (نحن نحب الماضي لأنه ذهب، ولو عاد لكرهناه)، بالرغم من أنه زمن جميل لكنه كان قاسياً من ناحية رغد الحياة وجمالها كما هو الآن. نفوس الزمن الجميل فقد كانت مختلفة تماما في نقائها وعفويتها وصدقها. لا شك أننا عندما ننعته بالزمن الجميل فنحن في الواقع لا نقصد العودة للعيش في نفس بيوتنا القديمة فلا شك أن الوقت وازدهار الحياة جعلنا نعيش الأفضل والأنسب لحياتنا اليوم. لماذا أغاني الزمن الجميل لا تمحى من الذاكرة؟ شكرً إذاعة خزامى التي تأخذنا أحياناً كثيرة إلى ذلك الزمن. أتساءل أين هو ذلك الزمان الذي كان نقياً وطاهراً وصافياً وأبيض كثلج جبل اللوز في منطقة تبوك الغالية.
مصطلح الزمن الجميل مصطلح حديث والمقصود به حياتنا في الماضي كيف كانت وكيف أصبحت؟ ليتفق معي من يتفق واحترم من يختلف لنحدد بداية الزمن الجميل شخصيًا أرى نحدده من بداية عام 1380 هجرية أي عام 1960 ميلادية أي قبل 63 سنة أي تقريبًا قبل جيلين (الجيل 33 سنة). لنتفق على تسمية الزمن الجميل مع العلم أن هناك تعريفات كثيرة لكنها تتفق على أنه زمن البساطة، زمن الحياة الأسرية المترابطة والعلاقات الإنسانية الدافئة والطيبة، زمن النقاء والصدق والاحترام. الآن كبرت البيوت، وصغرت القلوب، وانشغل الناس في كبد الحياة وتباعدت النفوس وأصبحت الزيارات العائلية مجدولة ولقاء الأصدقاء كل حين. مواقع الإنترنت والتطبيقات تغلغلت بين الناس، هذا التقدم التكنولوجي ساعد على العزلة الاجتماعية وفوضي الحواس، وأسهم في إظهار ترف البعض. قناعتي الشخصية الزمن الجميل كان مليئا بالألفة والصدق وحب الآخرين والتقارب الأسري أما اليوم تغير الحال وتغير معه الكثير من الناس.
همسة:
ماضي الإنسان تاريخ، والتاريخ لا يمحوه الحاضر ولا المستقبل، وإن اختفي زمناً فلابد أن يعود وتتذكره إنه الزمن الجميل.