مد ريولك على قد لحافك!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
محمد ناصر العطوان
حسب الدراسة التي قامت بها الإدارة المركزية للإحصاء في 2021 في ما يتعلق بمسح الدخل والإنفاق الأسري، فإن معدل الإنفاق على الأغذية والمشروبات يبلغ 370 ديناراً، بينما تستخوذ الملابس والأقمشة والأحذية على 400 دينار، أما المطاعم وخدمات الإقامة فبلغت 200 دينار، أما الترفية والرياضة والثقافة فبلغت 111 ديناراً، وضف عليها نفقات النقل والسكن والعناية الشخصية والحماية الاجتماعية ونفقات المعلومات والاتصالات، والتبغ ومنتجاته ونفقات الصحة والتعليم... فمتوسط الإنفاق الأسري الشهري يبلغ 4138 ديناراً كويتياً.
السؤال الآن... كم نسبة الأسر التي يبلغ دخلها الشهري متوسط إنفاقها؟ وكم عدد الأسر التي دخلها الشهري أقل من متوسط إنفاقها؟ وكم عدد الأسر التي تدخر؟ وكم عدد الأسر التي تقترض؟ الحقيقة أن نسبة كبيرة من الشعب الكويتي يحتاج مهارات الإدارة المالية، هذه حقيقة تقولها التقارير، والحقيقة أيضاً أن نسبة كبيرة من المجتمع الكويتي يبلغ متوسط إنفاقهم أكبر من متوسط دخلهم الشهري، وهذه حقيقة تقولها الدراسات.
ودع عنك كل أولئك الذين يقولون لك «يا أخي استأنس بفلوسك، ولا تصير بخيل واصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب...» لأنهم في الواقع هم الأشخاص أنفسهم الذين يصرخون في ما بعد طالبين إنقاذهم من الوحل الذي أسقطوا أنفسهم فيه، مستنجدين بالحكومة وصناديقها.
لنكن واقعيين، نحتاج إلى إعادة التفكير في سلوكياتنا الاستهلاكية. الحياة ليست سباقاً للمظاهر ولا تتطلب إنفاق كل ما نملك لإرضاء الآخرين. لنبدأ بضبط أمورنا وترتيب أولوياتنا، فذلك هو الطريق الحقيقي نحو السعادة والرضا.
«تأثير ديدرو»، نظرية تستخدم للتعبير عن نمط متصاعد من الاستهلاك، يُشير إلى أن شراء سلعة ما سيقود إلى شراء سلعة أخرى، وبالتالي خلق سلسلة من الحاجة إلى عمليات شراء متتالية في شكل تفاعل متسلسل، مما يدفع الفرد إلى الإنفاق أكثر من مستوى دخله.
ظهر هذا المصطلح أول مرة في القرن الثامن عشر الميلادي للإشارة إلى فكرة أنه ما من سلوك يحدث بمعزلة عن غيره، وهو ما ينسب إلى الفيلسوف الفرنسي دينيس ديدرو، الذي وصفه لأول مرة في أحد مقالاته. وفي عام 1988 صاغ هذه النظرية اقتصادياً عالم الأنثروبولوجيا والباحث في أنماط الاستهلاك غرانت مكراكين.
يشرح الكاتب عمر طاهر، هذا السلوك قائلاً: «إن الشوبنغ علاج زائف، يستخدمه البعض بنصيحة من مدربي التنمية البشرية لمداواة الكآبة، ثم سرعان ما يعيدهم هذا العلاج الموقت إلى النقطة نفسها. فالفستان الجديد الذي داوى جرحكِ العاطفي سيحتاج إلى حذاء ثم قرطين ثم شنطة». وربما عزيزي القارئ يحتاج إلى عملية تكميم أو شفط أو نفخ إذا اقتضت الحاجة أو إذا كان الجرح العاطفي عميقاً.
لا شك أن هناك ممارسات بسيطة يمكن أن تساعد في الإدارة المالية، مثلاً، هناك من قرّر أن يضع ميزانية شهرية صارمة وينفق فقط على الضروريات، مما أدى إلى توفير مبلغ لا بأس به نهاية كل شهر. وهناك مَنْ بدأ بممارسة «التبديل المجتمعي»، حيث يتبادل الناس الأشياء التي لا يحتاجونها بدلاً من شراء جديدة، مما يُقلل من الاستهلاك ويُساهم في توفير المال.
أحد الأصدقاء قرّر أن يشتري هاتفاً ذكياً مستعملاً بحالة جيدة بدلاً من شراء آخر جديد بأكثر من ضعف السعر. النتيجة، الوظائف نفسها، ونصف التكلفة، مع توفير كبير يمكن استثماره في شيء أكثر فائدة.
وفي تجربة أخرى، قرّرت عائلة كاملة أن تتبنى مبدأ «شهر بلا تسوق»، حيث يعتمدون فقط على ما لديهم في المنزل من مواد غذائية وغيرها. كانت النتيجة مفاجئة؛ ليس فقط من حيث التوفير المالي، بل أيضاً من حيث التعلم على كيفية الاستفادة القصوى مما هو متاح.
القناعة كنز والرضا ثروة. يجب علينا تجنب الاستهلاك الزائد والإفراط في الإنفاق على ما لا نحتاجه. إذا استطعنا تحقيق هذا التوازن، سنجد أن الحياة أكثر بساطة وسهولة، وأن السعادة الحقيقية تأتي من القناعة والرضا بما لدينا، وليس من المظاهر البراقة والإنفاق الزائد.
حسب تقرير الإدارة المركزية للإحصاء، في ما يتعلق بأرقام أسعار المستهلك في شهر يوليو 2024 م، فإن مجموعة الأغذية والمشروبات سجلت ارتفاعا بنسبة 5.89 % ومجموعة الملابس وملبوسات القدم سجلت ارتفاعاً بنسبة 5.63 % ومجموعة المفروشات المنزلية ارتفعت بنسبة 3.79 %، أما مجموعة الصحة فقد ارتفعت 4.07 % وحتى مجموعة السجائر والتبغ والنقل والاتصالات وخدمات السكن سجلت ارتفاعاً... الأسعار تزيد والاستهلاك يزيد، وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
moh1alatwan@