جريدة الجرائد

الكتاب بين التأليف والتزييف!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبده الأسمري

يتوهم البعض أن مهمة «التأليف» رائجة ومتاحة، فيقعون ضحية «الاستعجال» في «مؤلفات» لا تأخذ من «هوية» الكتاب سوى «الطباعة» فقط، في ظل «تهافت» بائس لإصدار «الكتب» بحثاً عن «الشهرة» وبأي طريقة كانت؛ مما أوجد لدينا «مؤلفين ومؤلفات» و»إصدارات» توشحت بالعناوين الساطعة واكتظت بالمحتوى «الضعيف» والمخجل!! المشكلة التي تغيب عن الكثير أراها تحولت إلى «ظاهرة» تثير السخرية في ساحات «عشوائية» اختلطت فيها «إصدارات» طبعت مقابل «المال»، وسط «جشع» متزايد من دور النشر لملء أرصدتها بعيداً عن مهمتها الأساسية في وجود «لجان» تميز الجيد من الرديء، وتصنف المجاز من الممنوع وتعيد كل «ملف» وهمي قيل إنه كتاب، وهو في الحقيقة مجرد «أحاديث» ذات أو «سوالف» مجالس أو «لقاء» استراحات!

بحكم تخصصي في «استشارات الكتب» وجدت الكثير من الحالات والعديد من القصص لعملاء قدموا على «أجنحة» الغموض متلبسين «رداء» الأدب وهو براء منهم، ومتلونين بصبغة «الثقافة» وهم لا ينتمون اليها، فهنالك من يريد تحويل «دورة تثقيفية» جل محتواها من الرسوم والجداول وكانت في «إطار» حقيبة» تدريبية إلى كتاب، ونوع يطالب أن يؤلف كتاباً عن «موضوع عام» دون أن يملك المحتوى، ونوع أخير يريد أن يحول كتابات السفر وخربشات الوحدة إلى «مؤلف» معرفي، إضافة إلى ما يردني من نماذج يرغبون أن يحولوا «تسجيلات» الواتس أب إلى منتج أدبي، وهنالك من يفاجئني برغبته في تطوير «كلمات المجالس» لتكون كتاباً يعتلي الأرفف وغيرها الكثير!

استعرضت بشكل عشوائي الكثير من الإصدارات الفترة الماضية، وعاينت بعضاً من «المؤلفات» التي تراوح مستواها ما بين الضعيف والرديء والتي أطلقوا عليها «مسمى» الكتاب، وظل مؤلفوها يرتقبون معارض الكتاب لملء وسائل التواصل بحفلات «التوقيع» البائسة، وسط تصفيق «أعضاء المجموعات الهاتفية» وتطبيل دور النشر البدائية والمرتزقة على حساب «المتلقي» الذي يقع ضحية «الفلاشات»، ويسقط في حيلة «الحضور» ويخسر في متاهات «الشراء»!! في ظل هذه التهافت على التأليف ارتفعت معدلات التزييف، ولو تم التدقيق والتوغل في عمق المحتوى لوجدنا الكثير من «السرقات «الأدبية التي نفذت باحترافية وسط «غياب «صاحب الملكية عن مراقبة أفكاره وإنتاجه، الأمر الذي فتح المسارات بعشوائية واضحة دون التقيد بأصول الكتابة وفصول الإنتاج. إن من دواعي الاستغراب والاندهاش أن نرى كتباً تضاف إلى سجلات «المعرفة» دون أن يكون لها رصيد وسط محتوى يظل هامشياً، والأدهى والأمر أن هذه الكتب تعرض وتباع بل وتجهز لها احتفالات التوقيع!! في ظل انعدام «الوقع» الحقيقي للأهداف المفترضة للتأليف!! غاب وجه الروايات الأصيل وتشوهت ملامحها، في حين اختلطت القصص بالخواطر وسيطر «السرد» على «الاحتراف»، وامتزج «النثر» بالشعر وتشابكت المعلومة الجاهزة مع الإنتاج السريع، وامتلأت محركات البحث بالاقتباس «الممنوع»، وتراجع النقد ليظل منزوياً في دوائر المجاملة، وتحولت المواقف العابرة والمحطات العمرية والنجاحات الاعتيادية إلى «كتب للسير» بعد أن تبارى «الكتبة» في انتاج الكتب، وسط غياب مؤسف للموضوعية والاحترافية في الاقتدار والإصدار.

والسؤال العريض لماذا لا تتم محاسبة دور النشر التي تطبع الكتب مقابل «المال» على حساب الجودة؟ وإلى متى تستمر هذه المهازل العلنية التي جعلت التأليف «ساحة مفتوحة» دون قيود؟ والأمر يسري إلى دخول وزارة الإعلام على خط «الرقابة «المعرفية والمهنية والاحترافية مع دورها الأساسي في إجازة الكتاب؛ لأن جودة المحتوى رافد رئيس لمنح الفسح الذي يجب أن يركز وبشكل دقيق على هدف الكتاب وقيمته الفكرية وانعكاسه المعرفي بين أوساط المتلقين، مع ضرورة أن يكون هنالك نقد حقيقي للمؤلفات وتثقيف واقعي ومتزايد لوقف هذه الظاهرة المؤسفة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف