جريدة الجرائد

لا تستقووا على "حزب الله"

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ها هي الشيعية السياسية تمرّ بمعمودية عرفتها من قَبل طوائف غيرها. فقد انطوت المارونية السياسية إلا لدى بعض المتنكرين للواقع، والعائشين بَعد في الماضي السحيق، ولم تتمكن السنية السياسية من التقاط الأنفاس، إذ تم اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والسنّية السياسية بعدُ فتيّة، ما أدخلها في نفق طويل لم تتمكن من الخروج منه حتى تاريخه. بعد هذه التجربة وتلك، جاء دور "الشيعية السياسية" التي ظنّت لوهلة أنها وارثة الاثنتين معاً، وبالتالي محتكرة البلد بكل قوامه وقواه. وزادها جبروتا فائض القوة المتأتي من العديد والسلاح والدعم الخارجي، حتى ظنّ أهلها أنهم ملكوا البلد وباتوا يحكمونه بمفردهم. لا حديث عن السقوط المريع، إذ يظهر كأنه انتصار لإسرائيل على مكوّن لبناني، حاشا وكلّا. ولكن من الضروري الإشارة إلى المعمودية الجديدة للشيعة في لبنان، أو إلى التجربة المرة التي تعيشها تلك الفئة. تقول الصلاة الربانية "يا رب، لا تدخلنا في التجربة، بل نجّنا من الشرير". رغم المكابرة والإنكار العلني، تعيش الطائفة الشيعية انكساراً بالغ الخطورة، وخطورتها تكمن في أنها لا تنعكس على تلك الطائفة فحسب، بل على كل البلد، تماماً كما كل الارتدادات السابقة مع انكسار أفرقاء آخرين من قبل. ورغم المكابرة، فالشيعة اليوم ليسوا في أفضل حال، ولو مع استمرار الدعم الإيراني، الذي يخطئ من يعتبر أنه تراجع، أو أن طهران باعت "حزب الله"، إذ إن اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وخليفته السيد هاشم صفي الدين وعدد من أعضاء المجلس السياسي، إضافة إلى قادة عسكريين وميدانيين، وتهجير أبناء الطائفة وتدمير المنازل والمؤسسات، كل هذا يعتبر انتكاسة على كل الصعد السياسية والعسكرية - الأمنية، والاجتماعية، وخصوصاً الاقتصادية في هذا الزمن الصعب. ولو أبصرَ الشيعة قبل ذلك أن عودتهم إلى الدولة تحميهم وتحمي الآخرين، وربما لو امتلكوا قرارهم الداخلي، لما عرّضوا البلد كله لحرب مدمرة، ولا لانهيار اقتصادي، ولا ربما لتفجير مرفأ بيروت، وقيام ثورة في الشارع... فهذه الأمور مجتمعة خطها بعض المجتمع الدولي لتركيع هذه البيئة الحاضنة لـ"حزب الله" حليف طهران، فإذ بها تصيب البلد كله وتقطّع أوصاله. اليوم، لبنان وشيعته على وجه الخصوص أمام مرحلة مفصلية، وعليهم أن يراجعوا حساباتهم ويعيدوا تثبيت اقتناع، بأن الحاضنة الوطنية هي الحماية الحقيقية لهم، إذا أعادوا القيمة إلى الشراكة الوطنية، والاعتبار إلى الشركاء في الوطن، فتخلوا عن منطق الاستقواء وتوزيع تهم العمالة. لا شماتة بالتأكيد، ولا انتظار على حافة النهر، لأن كل انكسار لطرف لبناني له تداعياته على كل الوطن، "وإذا تألم عضو تألمت معه سائر الأعضاء"، أو هكذا يجب أن يكون، لكن الواجب، (وربما المصلحة أيضاً) يقتضي العودة خطوات إلى الوراء لملاقاة الآخر، ولا يراهنن أحد، (من الآخر) على استقواء مقابل، لأن "حزب الله" لم يفقد كل نقاط قوته، وتراجعه حالياً لا يعني خسارته الحرب، وبالتالي فإن الخطورة تكمن في محاولة البعض الإفادة من الظرف الحالي للاستقواء عليه، فيبقى البلد كله أسير الفعل وردة الفعل. وليتذكر الجميع مقولة إن "الدنيا دولاب".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف